شهدت أسعار النفط تراجعًا ملحوظًا في تداولات متقلبة اليوم، حيث قيم المتعاملون التطورات الجيوسياسية المتعلقة بالصراع الروسي الأوكراني وتأثيرها المحتمل على الإمدادات. يأتي هذا الانخفاض بالتزامن مع استعدادات لمفاوضات سلام حاسمة، مما أضاف طبقة من عدم اليقين إلى سوق النفط. وتراوح التداول بين المكاسب والخسائر قبل أن تستقر الأسعار على انخفاض معتدل.
انخفض سعر خام برنت الآجل لشهر فبراير بنسبة 1.1% ليغلق عند 62.45 دولارًا للبرميل، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.2% ليغلق فوق 58 دولارًا للبرميل بعد تذبذب بنحو 1.40 دولارًا خلال الجلسة. يعكس هذا التقلب حساسية السوق للأخبار المتضاربة حول مسار الصراع والعقوبات المحتملة.
تأثير الصراع الروسي الأوكراني على أسعار النفط
هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باتخاذ إجراءات انتقامية ضد السفن التي تنقل المساعدات إلى أوكرانيا، وفقًا لوكالة أنباء إنترفاكس. هذا التحذير أثار مخاوف جديدة بشأن تعطيل محتمل لإمدادات النفط عبر البحر الأسود، وهو طريق حيوي لتصدير الخام الروسي.
ومع ذلك، أكد بوتين أيضًا على أهمية تحقيق النمو الاقتصادي في روسيا، مشيرًا إلى أن الحكومة ليست راضية عن التحديات التي تواجه بعض الصناعات. تأتي هذه التصريحات في وقت يواجه فيه منتجو النفط الروس ضغوطًا متزايدة بسبب انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية وارتفاع قيمة الروبل.
تصعيد المخاطر الجيوسياسية
وصل المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا، ستيف ويتكوف، إلى موسكو للقاء المسؤولين الروس عشية محادثات سلام مقررة. ويأتي هذا في الوقت الذي تدعي فيه روسيا تحقيق تقدم عسكري في أوكرانيا، بما في ذلك السيطرة على مدينة رئيسية.
في الأسبوع الماضي، تعرضت أربع ناقلات نفط روسية لهجمات، مما يشير إلى تصعيد في استهداف السفن المرتبطة بروسيا. على الرغم من العقوبات الدولية، لا تزال روسيا منتجًا رئيسيًا للنفط، وأي تصعيد إضافي في الصراع قد يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع.
في المقابل، يمكن أن يؤدي التوصل إلى اتفاق سلام إلى زيادة تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية، مما قد يخفف من حدة الضغوط التصاعدية على الأسعار. تشير التوقعات الحالية إلى احتمال وجود فائض في المعروض من النفط في السوق العالمية.
مخاوف إضافية بشأن الإمدادات العالمية
بالإضافة إلى الصراع في أوكرانيا، تثير المخاوف بشأن احتمال تدخل عسكري أمريكي في فنزويلا حالة من عدم اليقين في سوق النفط. ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أن وزارة الدفاع قد تبدأ قريبًا في استهداف عصابات المخدرات في فنزويلا وخارجها، مما قد يؤثر على إنتاج النفط الفنزويلي.
تتوقع ريبيكا بابين، كبيرة متداولي الطاقة في “سي آي بي سي برايفت ويلث غروب”، استمرار الضغوط على أسعار النفط. وقالت إن “السيولة تتلاشى بسرعة، مما يزيد من خطر حدوث انخفاض حاد في أسعار الخام نظرًا للمزاج السلبي السائد”. وأضافت أن “عدم رغبة المشترين في الدخول في صفقات عند انخفاض الأسعار يخلق فراغًا يجعل السوق شديدة الحساسية لضغوط البيع”.
وتشير بعض التقارير إلى أن المخزونات العالمية من النفط بدأت في الارتفاع، مما يزيد من الضغط على الأسعار. كما أن الانتعاش الاقتصادي العالمي الأبطأ من المتوقع يقلل من الطلب على الطاقة، بما في ذلك النفط.
الإمدادات من منظمة أوبك+
تراقب الأسواق عن كثب قرارات منظمة أوبك وحلفائها (أوبك+) بشأن مستويات الإنتاج. تعتبر أوبك+ مسؤولة عن جزء كبير من إنتاج النفط العالمي، ويمكن أن تؤثر قراراتها بشكل كبير على الأسعار.
تستعد منظمة أوبك+ لعقد اجتماع في بداية الأسبوع المقبل لمناقشة سياسة الإنتاج المستقبلية. من المتوقع أن تتخذ المنظمة قرارًا بشأن ما إذا كانت ستزيد أو تخفض الإنتاج في محاولة لتحقيق الاستقرار في السوق. فضلاً عن ذلك، يعتبر الذهب الأسود أحد أهم مصادر الطاقة (الطاقة المتجددة) عالمياً.
بشكل عام، من المتوقع أن تظل أسعار النفط متقلبة في المدى القصير، حيث ستتأثر بالتطورات الجيوسياسية والقرارات المتعلقة بالإمدادات والبيانات الاقتصادية. سيراقب المتعاملون عن كثب نتائج محادثات السلام الروسية الأوكرانية واجتماع أوبك+ القادم للحصول على مزيد من الإشارات حول اتجاه السوق.
