المتداولون يهرعون لصناديق “البجعة السوداء” تحوطاً من انهيار أسواق المال
يسارع المتداولون إلى تأمين محافظهم الاستثمارية ضد أي انهيار حاد للسوق، في تكرار لفترة الفوضى التي حدثت في بداية الوباء.
مع تصاعد المخاوف في غرف تداول وول ستريت أمس الإثنين، ارتفعت قيمة صندوق “كامبريا تايل ريسك” (Cambria Tail Risk ETF)، وهو صندوق متداول يتميز بإدارة نشطة لما يُعرف بـ “المخاطر الذيلية” (المخاطر التي تحدث نتيجة لحدث نادر)، بنسبة 4.5 % مسجلا أفضل أداء له منذ مارس 2020.
كانت استراتيجية الدفاع -المعروفة غالبا باسم التحوط عبر سيناريو “البجعة السوداء”، وهو مصطلح يشير إلى صعوبة التنبؤ بالأحداث المفاجئة- من بين أكثر الاستراتيجيات تأخراً خلال فترة الصعود المستمر لسوق الأسهم، لكنها أصبحت الآن رائجة فجأة.
يأتي الاندفاع نحو الحماية من التقلبات في الوقت الذي شهد فيه مؤشر “ناسداك 100″، الذي يعتمد على التكنولوجيا أكبر انخفاض له خلال اليوم منذ عام 2022، لينهي تعاملات أمس منخفضا بنسبة 3%.
وارتفع “مؤشر الخوف” في وول ستريت -وهو مؤشر للتقلبات- إلى أعلى مستوى له منذ تفشي فيروس كورونا وسط مخاوف بشأن قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على تجنب الركود.
وفي سوق الخيارات، ارتفعت تكلفة تأمين محافظ الاستثمار ضد حدوث انهيار كارثي للسوق، وهي تعويضات يتم دفعها حال انخفاض مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 30% – وهو يعتبر حدثا نادرا وغير متوقع – إلى أعلى مستوى له منذ مارس 2020.
قال تشارلي ماكيليغوت، استراتيجي الأصول الكلية في شركة “نومورا سيكيوريتيز” : “يمكننا أن نرى عبر مجموعة متنوعة من مؤشرات التقلب أن هناك طلباً كبيراً على الحماية من الانهيار، وهو ما لم نشهده منذ ذروة صدمة كوفيد”.
يمكن العثور على علامة أخرى تدل على استعداد المستثمرين للاضطرابات في مؤشر “VVIX”، وهو مقياس لتقلبات مؤشر الخوف (VIX)، وهو المؤشر الذي كان عند أعلى مستوى له أمس منذ أوائل عام 2020 أيضا.
أثبت التحوط ضد المخاطر القصوى أنه مربح خلال الانخفاضات الحادة، لكنه فشل في تحقيق مكاسب كبيرة في التراجعات التدريجية. وبحسب تصميم هذه النوعية من الصناديق، فإنها تتكبد خسائر حتى تضرب السوق كارثة كبرى ثم تبدأ في جني الأرباح الكبيرة.
يُعد صندوق “كامبريا” المتداول في البورصة، أحد أكبر صناديق “البجعة السوداء” المتاحة للمستثمرين الأفراد في الولايات المتحدة، وشهدت أصوله تضاؤلاً إلى حوالي 80 مليون دولار من حوالي 500 مليون دولار في عام 2022. وهو جزء من مجموعة متناقصة من أدوات الاستثمار المتداولة علناً، والتي تهدف إلى الربح من الكوارث غير المتوقعة.
وأغلقت العديد من تلك الصناديق مع ارتفاع الأسهم المستمر. وحتى وقت قريب، كانت التجارة الشعبية في عام 2024 هي استخدام الخيارات للمراهنة على الهدوء في الأسهم أو ملاحقة المكاسب في أسهم التكنولوجيا، وليس الحماية من الانهيار.
قال كريس مورفي، الرئيس المشارك لاستراتيجية المشتقات المالية في مجموعة “سوسكويهانا”: “أصبحت التحوطات التي تصاحب انخفاض قيمة الأصول تلعب دورا مهماً، وهو أمر جيد بالنسبة لأولئك الذين استخدموها بالفعل. ومع ذلك، بالنسبة لأولئك الذين يتطلعون إلى التحوط الآن، فقد أصبحت الآلية باهظة الثمن بسرعة كبيرة”.