أعلنت الصين عن أول عملية شراء لشحنة قمح أرجنتيني منذ عقود، مستفيدة من محصول قياسي في منطقة بامباس وجهود الرئيس خافيير ميلي لخفض الرسوم الجمركية على الصادرات. تأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه بكين لتنويع مصادرها الغذائية وتعزيز العلاقات التجارية مع دول أمريكا الجنوبية. وتُعد هذه الصفقة مؤشرًا على تحول محتمل في ديناميكيات تجارة القمح العالمية.

بدأت شركة كوفكو إنترناشونال، المملوكة للدولة الصينية، في تحميل الشحنة من منشآتها في تيمبيوس، الأرجنتين، على نهر بارانا. ستنقل السفينة 65 ألف طن متري إضافي من القمح من موانئ المحيط الأطلسي قبل التوجه إلى الصين. تُعد هذه أول شحنة من هذا النوع منذ تسعينيات القرن الماضي، مما يمثل علامة فارقة في العلاقات التجارية بين البلدين.

تأثير خفض الرسوم الجمركية على صادرات القمح الأرجنتيني

يعزى قرار الصين بشراء القمح الأرجنتيني إلى عدة عوامل، من بينها انخفاض أسعار القمح الأرجنتيني بسبب محصول وفير. كما ساهم قرار الرئيس ميلي الأخير بخفض الرسوم على الصادرات الزراعية، بما في ذلك تخفيض رسوم القمح إلى 7.5%، في جعل الصادرات الأرجنتينية أكثر تنافسية في السوق العالمية. يهدف ميلي إلى إلغاء هذه الرسوم بشكل كامل في المستقبل، في إطار جهوده لتحرير الاقتصاد الأرجنتيني.

محصول قياسي وإنتاجية عالية

شهدت منطقة بامباس الأرجنتينية موسم زراعة شبه مثالي، مما أدى إلى محصول قمح قياسي. وفقًا لمجلس بورصة روزاريو للتجارة، ساهمت الظروف الجوية المواتية في زيادة الإنتاجية. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن جودة الحبوب قد تكون أقل بسبب انخفاض محتوى البروتين، مما قد يؤثر على الإيرادات الجمركية المتوقعة.

على الرغم من ذلك، فإن انخفاض تكلفة الإنتاج في الأرجنتين، بالإضافة إلى خفض الرسوم الجمركية، يجعل القمح الأرجنتيني جذابًا للمشترين الدوليين. تعتبر هذه الصفقة بمثابة دفعة للاقتصاد الأرجنتيني، الذي يعاني من نقص في احتياطيات الدولار.

توجه الصين نحو تنويع مصادر القمح

تعكس هذه الصفقة اتجاهًا متزايدًا لدى الصين نحو تنويع مصادر إمداداتها من القمح، خاصةً في ظل استمرار النزاعات التجارية مع الولايات المتحدة. في السنوات الأخيرة، فتحت الصين أسواقها أمام واردات القمح والذرة من الأرجنتين، بالإضافة إلى كسب فول الصويا.

وقبل تولي دونالد ترامب الرئاسة، بدأت الصين في استكشاف بدائل لموردي القمح التقليديين. كما وافقت الصين على استيراد كسب فول الصويا الأرجنتيني، واستقبلت أول شحنة في أكتوبر الماضي. تشير هذه التطورات إلى رغبة الصين في تقليل اعتمادها على مورد واحد وتأمين إمدادات غذائية مستقرة.

بالإضافة إلى القمح، تسعى الصين أيضًا إلى زيادة وارداتها من الذرة من أمريكا الجنوبية. حتى الآن، لم يتم تسجيل أي صفقات كبيرة للذرة، لكن من المتوقع أن تزداد الواردات في المستقبل.

ومع ذلك، يجب مراقبة جودة القمح الأرجنتيني عن كثب. إذا استمر انخفاض محتوى البروتين، فقد يؤثر ذلك على القدرة التنافسية للصادرات الأرجنتينية على المدى الطويل.

من المتوقع أن تستمر الصين في تقييم إمدادات القمح من الأرجنتين، مع الأخذ في الاعتبار الجودة والسعر. كما ستراقب عن كثب التطورات السياسية والاقتصادية في الأرجنتين، والتي قد تؤثر على قدرتها على تلبية الطلب الصيني المتزايد. من المرجح أن تشهد الأشهر القادمة مزيدًا من عمليات الشراء الصينية للقمح الأرجنتيني، مع التركيز على ضمان جودة المنتج وتلبية احتياجات السوق الصينية.

شاركها.