خفضت المملكة العربية السعودية تقديراتها لنمو الاقتصاد السعودي للربع الثالث من عام 2023، بعد مراجعة بيانات الأنشطة غير النفطية التي أظهرت تباطؤاً ملحوظاً. وأشارت هيئة الإحصاء السعودية إلى أن النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي بلغ 4.8%، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 5% صدرت في أكتوبر الماضي. يأتي هذا التعديل في ظل ديناميكيات متغيرة في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
البيانات الصادرة اليوم الإثنين تعكس تباطؤاً في وتيرة النمو الاقتصادي، مع تعديل هبوطي في تقديرات الأنشطة غير النفطية. ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد السعودي يحقق نمواً إيجابياً، حيث تتوقع وزارة المالية نمواً بنسبة 4.4% للعام بأكمله، وفقاً لبيان الميزانية الصادر في الثاني من ديسمبر. هذا التعديل يضع تركيزاً أكبر على دور قطاع النفط في دفع النمو.
النفط محركاً للنمو: زيادة الإنتاج تعزز الأداء الاقتصادي
شهد قطاع الأنشطة النفطية نمواً ملحوظاً، مسجلاً أعلى وتيرة نمو منذ الربع الثالث من عام 2022. يعزى هذا النمو إلى تخفيف القيود على الإنتاج النفطي بعد انتهاء التخفيضات الطوعية التي فرضها تحالف “أوبك+” في نهاية أغسطس. وقامت المملكة بزيادة إنتاجها النفطي بشكل تدريجي، حيث رفعت الإنتاج بحوالي 547 ألف برميل يومياً في سبتمبر، ثم بزيادة إضافية بلغت 137 ألف برميل يومياً في نوفمبر.
أدت هذه الزيادات في الإنتاج إلى ارتفاع صادرات النفط إلى 6.42 مليون برميل يومياً في سبتمبر، وهو أعلى مستوى لها منذ 18 شهراً. يمثل هذا الارتفاع زيادة تتجاوز 600 ألف برميل يومياً مقارنة بشهر أغسطس، مما يؤكد الدور المحوري للنفط في دعم النمو الاقتصادي في المرحلة الحالية.
تأثير زيادة الإنتاج على الميزان التجاري
من المتوقع أن تساهم زيادة صادرات النفط في تحسين الميزان التجاري للمملكة وتعزيز الإيرادات الحكومية. هذا بدوره يمكن أن يدعم الاستثمارات الحكومية في مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، مما يعزز التنويع الاقتصادي على المدى الطويل.
توقعات إيجابية لعام 2026
على الرغم من التعديل الهبوطي في تقديرات النمو للربع الثالث، إلا أن النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي تظل إيجابية. تتوقع وزارة المالية نمواً بنسبة 4.6% في عام 2025. وتدعم هذه التوقعات ارتفاع أسعار النفط المتوقعة، حيث رفعت مؤسسة مورغان ستانلي توقعاتها لأسعار النفط قصيرة الأجل إلى 60 دولاراً للبرميل في النصف الأول من عام 2026، مقارنة بتقدير سابق قدره 57.5 دولار.
الاستثمار الأجنبي المباشر يلعب دوراً هاماً في تحقيق هذه التوقعات، حيث تسعى المملكة إلى جذب المزيد من الاستثمارات في القطاعات غير النفطية. وتشمل هذه القطاعات السياحة، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة، مما يساهم في تحقيق أهداف رؤية 2030.
تحديات محتملة تواجه النمو الاقتصادي
على الرغم من التوقعات الإيجابية، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تؤثر على النمو الاقتصادي السعودي. تشمل هذه التحديات التقلبات في أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية، والتغيرات في السياسات الاقتصادية العالمية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر التباطؤ في النمو العالمي على الطلب على الصادرات السعودية.
فيما يتعلق بالأنشطة غير النفطية، يظهر التباطؤ الحالي الحاجة إلى مزيد من الجهود لتعزيز التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على قطاع النفط. يتطلب ذلك تطوير قطاعات جديدة، وتحسين بيئة الأعمال، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال.
من المتوقع أن تصدر هيئة الإحصاء السعودية بيانات تفصيلية عن أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة في الربع الثالث من عام 2023 في الأسابيع القادمة. ستوفر هذه البيانات مزيداً من الوضوح حول العوامل التي أثرت على النمو الاقتصادي، وستساعد في تقييم التحديات والفرص المستقبلية. سيراقب المستثمرون والمحللون عن كثب هذه البيانات لتقييم أداء الاقتصاد السعودي وتعديل توقعاتهم وفقاً لذلك.
