شهدت أسواق الأسهم العالمية ارتفاعًا ملحوظًا إلى مستويات قياسية جديدة هذا الأسبوع، مدفوعة بقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة وتقييمه الإيجابي للاقتصاد الأمريكي. وقد عزز هذا التطور من معنويات المستثمرين، مما أدى إلى تفاؤل حذر بشأن مستقبل أسواق الأسهم. يشير هذا الارتفاع إلى استمرار زخم التعافي الاقتصادي وتأثيره الإيجابي على الاستثمارات.
ارتفع مؤشر “إم إس سي آي لجميع الدول العالمي” بنسبة 0.2% يوم الجمعة، بعد أن سجل مستوى قياسيًا في الجلسة السابقة. كما حقق مؤشر “إس آند بي 500” قمة جديدة، بينما انخفض مؤشر التقلب (VIX) إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر، مما يعكس ثقة المستثمرين المتزايدة. في آسيا، قفز مؤشر “إم إس سي آي” للأسهم الآسيوية بنسبة 1.3%، متجهاً نحو أعلى إغلاق شهري له.
توقعات إيجابية لـ أسواق الأسهم في عام 2026
تتوقع جينا بولفين، رئيسة مجموعة “بولفين ويلث مانجمنت”، أن يستمر هذا الزخم حتى نهاية العام. وأوضحت أن بدء دورة خفض أسعار الفائدة، والتوقعات بتولي رئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وتحسن أرباح الشركات، كلها عوامل تدعم استمرار السوق الصاعدة حتى عام 2026.
وأضافت بولفين أن تبني الشركات للذكاء الاصطناعي سيزداد، مما قد يؤدي إلى ظهور قطاعات جديدة قادرة على منافسة الشركات الكبرى المعروفة باسم “المجموعة السبعة” (أبل، ألفابت، إنفيديا، أمازون، ميتا، مايكروسوفت، تسلا). هذا التحول قد يوسع نطاق النمو في الاستثمار في الأسهم.
على الرغم من الارتفاع العام في مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.2% ليصل إلى مستوى قياسي يوم الخميس، إلا أن بعض الحذر لا يزال قائماً تجاه أسهم التكنولوجيا. هذا الحذر ناتج عن تقلبات الأداء في هذا القطاع.
تراجعت أسهم “برودكوم”، الشركة المصنعة للرقائق المنافسة لـ “إنفيديا”، في التداولات الممتدة بعد أن كانت توقعات مبيعاتها أقل من توقعات المستثمرين. هذا التراجع يسلط الضوء على المخاطر المرتبطة بالتقييمات المرتفعة لشركات الذكاء الاصطناعي.
استقرت العقود المستقبلية لمؤشر “إس آند بي 500” في التداولات الآسيوية يوم الجمعة، بينما انخفضت عقود “ناسداك 100” الآجلة بنسبة 0.1%. هذا يشير إلى استقرار نسبي في الأسواق بعد المكاسب الأخيرة.
أداء الأسواق الإقليمية
قاد مؤشر “توبكس” الياباني المكاسب الإقليمية، مدعومًا بأسهم القطاع المالي، وذلك في ظل التوقعات القوية بأن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل. في المقابل، تخلفت الأسهم الصينية عن نظيراتها، بعدما أشارت القيادة الصينية إلى أنها ستواصل دعم الاقتصاد دون زيادة التحفيز العام المقبل. هذا الاختلاف في السياسات النقدية يؤثر على أداء الأسواق الإقليمية.
توقعات الاقتصاد الأمريكي وتأثيرها على أسواق الأسهم
أعرب رئيس الفيدرالي جيروم باول عن تفاؤله بشأن استمرار تحسن الاقتصاد الأمريكي بعد تنفيذ ثالث خفض متتالٍ للفائدة يوم الأربعاء، مع توقع تلاشي التأثير التضخمي للرسوم الجمركية. ومع ذلك، أبقى مسؤولو الفيدرالي على توقعاتهم بخفض واحد فقط في عام 2026، بينما يواصل المتعاملون المراهنة على خفضين. هذا التباين في التوقعات قد يؤدي إلى تقلبات في أسعار الأسهم.
يتوقع الفيدرالي الآن أن ينمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.3% العام المقبل، مقارنة بتوقع سابق عند 1.8%، مع توقع تباطؤ التضخم إلى 2.4%. هذا التحسين في التوقعات الاقتصادية يعزز الثقة في قدرة الاقتصاد الأمريكي على مواصلة النمو.
تداول مؤشر “بلومبرغ” للدولار قرب أدنى مستوى له في شهرين يوم الجمعة، واتجه نحو ثالث خسارة أسبوعية. وظلت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات مستقرة بعد ارتفاع طفيف يوم الخميس، حين أظهرت البيانات ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأولية بأكثر من التقديرات. هذه المؤشرات تشير إلى ضعف نسبي في الدولار وتزايد المخاوف بشأن سوق العمل.
نظرة على أسواق آسيا
ارتفعت عملة “الرينغيت” الماليزية إلى أقوى مستوى لها مقابل الدولار منذ أكثر من أربع سنوات، مما يعكس التفاؤل بشأن اقتصاد الدولة وتراجع التوترات التجارية. في تايلندا، أعلن رئيس الوزراء حلّ البرلمان تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة، إثر تقارير عن انسحاب حزب سياسي أساسي من دعم حكومته الأقلية. هذه التطورات السياسية والاقتصادية تؤثر على أداء الاستثمار في الأسهم الآسيوية.
ظل قطاع التكنولوجيا محور اهتمام المستثمرين، بعد تراجعات “برودكوم” ونتائج شركة “أوراكل” في وقت سابق من الأسبوع، مما أعاد إلى الواجهة المخاوف بشأن التقييمات المرتفعة وما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في بنية الذكاء الاصطناعي التحتية ستؤتي ثمارها. هذا القطاع لا يزال يواجه تحديات كبيرة.
قال بن بينيت، رئيس استراتيجية الاستثمار في آسيا لدى شركة “ليغل آند جنرال إنفستمنت مانجمنت”، في مقابلة مع “تليفزيون بلومبرغ”: “قلصنا تعرضنا على الأسهم قليلاً مع اقتراب نهاية العام لأننا نشعر ببعض القلق حيال اهتزازات قطاع الذكاء الاصطناعي وحالة عدم اليقين المتعلقة بموقف الاحتياطي الفيدرالي”.
في أسواق السلع، صعد النحاس إلى مستوى قياسي جديد يوم الجمعة، مع ارتفاع معظم المعادن الصناعية الأخرى بعد قرار الفيدرالي. واستقر الذهب بعد ثلاثة أيام من المكاسب، بينما تم تداول الفضة قرب مستوى قياسي مرتفع، في حين تعافى النفط من أدنى إغلاق له منذ نحو شهرين.
من المتوقع أن تواصل أسواق الأسهم العالمية مراقبة بيانات التضخم ومواقف البنوك المركزية الرئيسية، بما في ذلك الفيدرالي وبنك اليابان. كما ستكون التطورات الجيوسياسية والنتائج الفصلية للشركات من العوامل الرئيسية التي ستؤثر على أداء الأسواق في الفترة المقبلة. لا تزال هناك حالة من عدم اليقين تحيط بآفاق النمو العالمي.
