واصلت الأسهم السعودية تراجعها في الآونة الأخيرة، مسجلةً أدنى إغلاق منذ أكتوبر 2023، مع تزايد وتيرة المضاربة وضعف المحفزات الاقتصادية. يأتي هذا الانخفاض بالتزامن مع المخاوف المتزايدة بشأن تأثير انخفاض أسعار النفط على أرباح شركات الطاقة، مما أثر على ثقة المستثمرين في السوق السعودي بشكل عام. وتبرز الحاجة إلى فهم العوامل المؤثرة على هذا الأداء وتوقعات المستقبل.

أفادت تحليلات مالية بأن السوق السعودية تواجه منافسة أكبر من الأسواق الإقليمية والعالمية التي تقدم فرصًا استثمارية أكثر جاذبية. ويرى خبراء أن هذا التوجه يعكس رغبة المستثمرين في تنويع محافظهم الاستثمارية والبحث عن عوائد أفضل. بالإضافة إلى ذلك، يساهم ضعف المحفزات المحلية في زيادة الضغوط على السوق.

تراجع مؤشر تاسي وتصحيح مؤقت في السوق السعودي

أغلق مؤشر “تاسي” على انخفاض بنسبة 0.4% ليسجل 10414 نقطة، وذلك بتداولات بلغت قيمتها 3.5 مليار ريال. شهدت معظم القطاعات الرئيسية تراجعًا ملحوظًا، وعلى رأسها قطاعا الطاقة والبنوك، مع هبوط الأسهم القيادية. ومع ذلك، لفتت أنظار المحللين الحركة الإيجابية التي شهدتها السوق قرب نهاية الجلسة والتي ساهمت في تقليل حجم الخسائر.

وفقًا لأحمد الرشيد، المحلل المالي الأول في صحيفة “الاقتصادية”، فإن النشاط الشرائي الذي ظهر في نهاية الجلسة يعكس جاذبية الأسعار الحالية. وأضاف أن هذا النشاط قد يكون مؤشرًا على بداية تصحيح في السوق. يرى الرشيد أن المستثمرين قد يرون في هذه المستويات فرصة للدخول أو زيادة استثماراتهم.

من جهته، يرى محمد الفراج، رئيس أول لإدارة الأصول في “أرباح المالية”، أن السوق تمر بمرحلة تصحيح طبيعية في ظل حالة الضبابية المؤقتة المتعلقة بالتشريعات الجديدة المتوقعة بشأن سقف ملكية الأجانب. وأشار إلى أن هذه التشريعات قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار السوق في الفترة المقبلة.

وأضاف الفراج أن بعض الشركات أصبحت تقدم عوائد مغرية، مثل “أسمنت الرياض” و”جدوى ريت” التي تتراوح عوائدها بين 7% و 9%، مما يجعلها خيارًا استثماريًا جذابًا مقارنة بالأصول الأخرى، خاصة بعد خفض أسعار الفائدة. وأكد على أهمية أرامكو التي تقدم عائدًا بنسبة 7.4% مع مخاطر منخفضة واستقرار نقدي كبير.

تأثير أسعار النفط على أداء الشركات

أظهرت البيانات انخفاض مزيج برنت إلى ما دون 60 دولارًا، وهو أدنى مستوى له منذ مايو الماضي، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط إلى مستويات 2021. ووفقًا لماري سالم، المحللة المالية لدى “الشرق”، فإن هذه المستويات السعرية لا تثير قلق المستثمرين بشأن أساسيات قطاع الطاقة بقدر ما تزيد من مخاوفهم بشأن تأثيرها على أرباح الشركات المرتبطة به.

تعتبر أسعار النفط من أهم العوامل المؤثرة على أداء الاقتصاد السعودي، وبالتالي على أداء الأسهم في السوق السعودي. وتؤثر التقلبات في أسعار النفط بشكل مباشر على أرباح شركات الطاقة، والتي تمثل جزءًا كبيرًا من السوق.

محفزات النمو في السوق السعودي خلال 2026

يتوقع يوسف يوسف، مدير تطوير البيانات المالية في بوابة “أرقام”، أن أي تحسن في أسعار النفط سينعكس بشكل مؤقت على أداء أسهم قطاع الطاقة. وأشار إلى أن قطاع الاتصالات يمثل فرصة استثمارية كبيرة نظرًا لنمو الأرباح المستمر والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والتنويع في الأنشطة.

أما بالنسبة لقطاع البنوك، فقد أوضح يوسف أن الضغوط الحالية ناتجة عن تباطؤ نمو الأرباح وتراجع الودائع تحت الطلب مقارنة بالودائع الآجلة، مما يثير بعض المخاوف بشأن السيولة. ومع ذلك، يظل قطاع البنوك من أهم القطاعات في السوق السعودي.

من المتوقع أن تحتاج السوق السعودي إلى محفزات قوية لتحقيق النمو المطلوب، وعلى رأسها النتائج المالية للشركات والتعديلات المنتظرة في سياسة ملكية الأجانب. وسيكون عام 2026 عامًا حاسماً من حيث إطلاق هذه المحفزات. ويعتبر متابعة هذه التطورات أمرًا بالغ الأهمية للمستثمرين.

في الختام، يظل أداء السوق السعودي مرتبطًا بشكل كبير بتطورات أسعار النفط والمحفزات الاقتصادية المحلية والإقليمية. وسيتطلب الأمر متابعة دقيقة للبيانات الاقتصادية والتشريعات الجديدة لتقييم المخاطر والفرص الاستثمارية المتاحة. من المتوقع أن تعلن الشركات عن نتائجها المالية في الفترة القريبة القادمة، وهو ما قد يساهم في إعادة تقييم السوق وتحديد مسارها المستقبلي.

شاركها.