شهدت الأسواق الآسيوية تراجعًا ملحوظًا في بداية الأسبوع مع بدء آخر أسبوع تداول كامل في عام 2025، متأثرة بتصاعد المخاوف بشأن مستقبل أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى وتأثير الإنفاق الضخم على تطوير الذكاء الاصطناعي. هذا التراجع يعكس حالة من الحذر السائدة في الأسواق العالمية، خاصة مع تقييمات الشركات التكنولوجية المرتفعة.

وانخفض المؤشر الإقليمي للأسهم التابع لـ”إم إس سي آي” بنسبة 0.7%، حيث قاد هبوط أسهم كوريا الجنوبية – المعروفة بقوتها في قطاع التكنولوجيا – هذا الانخفاض بنسبة 1.5% بعد موجة بيع مماثلة في أسواق “وول ستريت” يوم الجمعة. بالمقابل، أظهرت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2% في التداولات الآسيوية، مما يشير إلى إمكانية استقرار نسبي.

مخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي تؤثر على الأسواق

تزايدت الشكوك حول القدرة المستدامة لنمو أسهم التكنولوجيا، التي قادت ارتفاعات كبيرة في الأسواق العالمية خلال الأشهر الماضية. هذه الشكوك مرتبطة بالاستثمار المكثف في الذكاء الاصطناعي والقدرة على تحقيق عوائد مجدية على هذا الاستثمار.

وتعتبر الأسواق الآسيوية أكثر عرضة للتأثر بهذه المخاوف نظراً لكونها مركزاً رئيسياً لتصنيع المكونات الأساسية في قطاع التكنولوجيا. ووفقًا لتقارير حديثة، فإن تعثر أداء هذه الشركات قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي في المنطقة.

صرح نيك تويديل، كبير محللي الأسواق في “إيه تي غلوبال ماركتس” في سيدني، أن الأحداث الأخيرة تشير إلى “احتمالية حدوث تصحيح في فقاعة الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب”. وأضاف أن أسواق آسيا قد تشهد انخفاضاً ملحوظاً، خاصة بعد النمو القوي الذي شهدته العام الماضي مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا بشكل عام.

وتظهر علامات التراجع في أداء شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل “إنفيديا” و”أوراكل”، حيث أدت الإعلانات المتعلقة بزيادة الإنفاق على الذكاء الاصطناعي إلى هبوط أسهمها. هذا الانخفاض يثير تساؤلات حول تقييمات هذه الشركات ومستقبل استثماراتها.

يدور الآن نقاش مكثف بين المستثمرين حول ما إذا كان ينبغي تقليل المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أم مواصلة الاستثمار في هذا المجال الواعد. ويعتمد هذا القرار على تقييم دقيق للتحديات والفرص التي يمثلها هذا التحول التكنولوجي.

بيانات اقتصادية صينية تزيد من الضغوط

بالتزامن مع المخاوف بشأن الذكاء الاصطناعي، أظهرت البيانات الاقتصادية الصينية تباطؤًا في نمو مبيعات التجزئة، حيث ارتفعت بنسبة 1.3% في نوفمبر على أساس سنوي، وهو أدنى معدل لها منذ جائحة كورونا. هذا التباطؤ يضاف إلى تراجع الاستثمار، مما يزيد الضغوط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وأشار تشيتان سيث، استراتيجي الأسهم في “نومورا هولدينغز”، إلى أن أرباح الشركات الصينية من المرجح أن تظل ضعيفة في الفترة المقبلة. كما أن أزمة استرداد الأموال في قطاع الظل المصرفي تثير مخاوف بشأن الاستقرار المالي في البلاد.

تطورات في السياسات النقدية العالمية

على صعيد السياسات النقدية، يشهد السوق حالة من عدم اليقين بشأن مسار أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. تصريحات متباينة من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي أدت إلى تقليل الرهانات على مزيد من التيسير النقدي في عام 2026.

فقد أوضحت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، بيث هاماك، تفضيلها لأسعار فائدة أكثر تشدداً لمواصلة مكافحة التضخم. في المقابل، توقع رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستان غولسبي، خفضاً أسرع لأسعار الفائدة في عام 2026.

وفي الوقت نفسه، استقرت سندات الخزانة الأمريكية مع ترقب اجتماع السياسة النقدية في بنك إنجلترا وبنك اليابان. من المتوقع أن تؤثر قرارات هذه البنوك المركزية على اتجاهات الأسواق المالية العالمية.

واصل الذهب مكاسبه لليوم الخامس على التوالي، مدفوعًا بالشكوك المحيطة بالسياسات النقدية وتصاعد المخاوف الاقتصادية. وقد ارتفع سعر الذهب هذا العام بأكثر من 60%، بينما تضاعف سعر الفضة، مسجلين أفضل أداء سنوي لهما منذ عام 1979. وتعتبر المعادن الثمينة ملاذاً آمناً للمستثمرين في أوقات التقلبات.

يتوقع مراقبون أن يشهد الأسبوع الحالي مزيدًا من التقلبات في الأسواق العالمية مع انعقاد اجتماعات السياسة النقدية الكبرى. سيكون أداء أسهم التكنولوجيا والبيانات الاقتصادية الصينية من العوامل الرئيسية التي ستؤثر على معنويات المستثمرين، بينما يترقب السوق قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة وتقييم المخاطر العالمية المتزايدة.

شاركها.