شهدت الأسواق الآسيوية ارتفاعًا ملحوظًا يوم الثلاثاء، بعد فترة من عمليات البيع التي أثرت على الأصول الأكثر خطورة على مستوى العالم، وعلى رأسها العملات المشفرة. وتتركز الأنظار حاليًا على مزاد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات، والذي من المقرر عقده لاحقًا اليوم، وسط تقلبات في الأسهم الآسيوية وتزايد الاهتمام بمسار أسعار الفائدة.
صعد مؤشر الأسهم الآسيوية بنسبة 0.5%، مدفوعًا بشكل خاص بالأداء القوي لقطاع التكنولوجيا في كوريا الجنوبية. في الوقت نفسه، سجلت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية ارتفاعًا طفيفًا خلال التداولات الآسيوية، بعد أن تراجع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.5% وانخفض “ناسداك 100” بنسبة 0.4% في اليوم السابق. ولا يزال أداء البيتكوين متقلبًا، حيث شهدت العملة الرقمية خسائر تجاوزت 5% يوم الاثنين.
أهمية مزاد السندات اليابانية وتأثيره على الأسواق
اكتسب مزاد السندات اليابانية لأجل 10 سنوات أهمية خاصة بعد ارتفاع العوائد، مدفوعة بتوقعات متزايدة بشأن تشديد السياسة النقدية من قبل بنك اليابان. وفقًا لكريستينا هوبر، كبيرة استراتيجيي السوق في “مان غروب”، يجب مراقبة هذه السندات عن كثب، حيث أن ارتفاع عوائدها قد يؤدي إلى زيادة عوائد السندات السيادية الأخرى، وبالتالي رفع تكاليف الاقتراض الحكومي.
يشير هذا السيناريو إلى إمكانية تأثير قرارات بنك اليابان على أسعار الفائدة العالمية. وكان محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، قد ألمح سابقًا إلى احتمال رفع أسعار الفائدة قريبًا، مما أثار ردود فعل متباينة في الأسواق، وساهم في تراجع الين أمام الدولار بعد ارتفاعه الأكبر في أسبوع.
التركيز على قرارات البنوك المركزية
بدأ شهر ديسمبر بداية متذبذبة للأسواق العالمية، مع عمليات بيع في العملات المشفرة وتصريحات متشددة من بنك اليابان. يظل التركيز في الأيام القادمة على قرارات البنوك المركزية الرئيسية، بما في ذلك اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المقرر عقده في 9 و 10 ديسمبر، وقرار بنك اليابان بشأن أسعار الفائدة في 19 ديسمبر.
في سياق متصل، استقرت سندات الخزانة الأمريكية يوم الثلاثاء بعد تراجعها يوم الاثنين، حيث ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى حوالي 4.1%. كما ظل مؤشر الدولار مستقرًا، بينما ارتفع العائد على السندات الأسترالية لأجل 10 سنوات بشكل طفيف.
تقلبات أسعار المعادن والنفط
شهدت أسعار المعادن تقلبات ملحوظة، حيث تراجعت الفضة من مستوى قياسي بعد ظهور مؤشرات على تشبع الشراء. في المقابل، انخفضت أسعار الذهب بشكل طفيف، بينما شهدت أسعار النفط ارتفاعًا محدودًا.
ويرى طارق هورشاني، رئيس قسم الوساطة الرئيسية في “مايبانك للأوراق المالية” في سنغافورة، أن الاستقرار الحالي في الأسواق قد يكون مجرد انتعاش مؤقت مدفوع بتعديلات في المراكز الاستثمارية، وليس تحولًا جذريًا في النظرة العامة. وأضاف أن تحركات يوم الاثنين أدت إلى خروج بعض المستثمرين المحافظين، لكن السوق لا تزال حذرة.
بيانات الاقتصاد الأمريكي وتأثيرها المحتمل
أظهرت البيانات الاقتصادية الأمريكية الصادرة يوم الاثنين انكماشًا في نشاط المصانع في شهر نوفمبر، بأكبر وتيرة في أربعة أشهر، ويعزى ذلك إلى ضعف الطلبيات. ويترقب مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بيانات التضخم المقبلة، والتي من المتوقع أن تظهر استقرارًا في الضغوط التضخمية، على الرغم من استمرارها.
ومع ذلك، سيتركز النقاش خلال اجتماع تحديد أسعار الفائدة بشكل كبير على أداء سوق العمل. ويشير فؤاد رزاق زاده من “فوركس دوت كوم” إلى أن البيانات الاقتصادية الرئيسية التي ستصدر هذا الأسبوع، بما في ذلك تقرير الوظائف، قد تقلل من قدرة السوق على التنبؤ بقرارات الفائدة المستقبلية.
بالإضافة إلى بيانات التضخم، تشمل البيانات الاقتصادية الهامة التي ستصدر هذا الأسبوع أرقام توظيف القطاع الخاص “إيه دي بي” لشهر نوفمبر، وقراءة أولية لثقة المستهلك في ديسمبر. ويرى هومين لي، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في “لومبارد أودير” في سنغافورة، أن البيئة الاقتصادية العالمية الحالية لا تزال مواتية لتحمل المخاطر، نظرًا لتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي واعتماد الحكومات الرئيسية سياسات مالية داعمة للنمو.
بشكل عام، من المتوقع أن تستمر الأسواق في مراقبة البيانات الاقتصادية وقرارات البنوك المركزية عن كثب في الأيام القادمة. وستكون بيانات التضخم الأمريكية وقرار بنك اليابان بشأن أسعار الفائدة من بين العوامل الرئيسية التي ستحدد مسار الأسهم الآسيوية والأسواق العالمية في المستقبل القريب. يبقى التباطؤ الاقتصادي العالمي والتوترات الجيوسياسية من بين المخاطر التي يجب مراعاتها.
