تراجعت الأسواق الأسيوية في تعاملات اليوم، متأثرةً بجلسة هادئة في وول ستريت، وذلك مع ترقب المستثمرين قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، والذي يُعتبر الأخير لهذا العام. يأتي هذا الترقب في ظل حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل السياسة النقدية الأمريكية، وتأثيرها المحتمل على الاقتصاد العالمي.

وقادت الأسهم الصينية الانخفاض بعد بيانات حكومية أشارت إلى ارتفاع معدلات التضخم في شهر نوفمبر، مما قلل من الآمال في خفض وشيك لأسعار الفائدة. كما شهدت أسهم اليابان وأستراليا تراجعًا ملحوظًا، بينما استقرت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية في الأسواق الآسيوية بشكل طفيف. في المقابل، واصلت الفضة مكاسبها القوية، بينما أظهر الدولار أداءً متفاوتًا أمام العملات الرئيسية الأخرى.

توقعات الأسواق بخصوص قرار الفائدة

يتوقع معظم المحللين أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي هذا الأسبوع. ومع ذلك، فإن التركيز الأكبر سينصب على “المخطط النقطي” الذي يعكس توقعات أعضاء الفيدرالي بشأن مسار أسعار الفائدة في المستقبل، بالإضافة إلى التوقعات الاقتصادية العامة وتصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول.

وقد شهدت الأسواق تقلبات ملحوظة في الأسابيع الستة الماضية، مدفوعةً بالترقب والقلق بشأن هذا القرار. هذه التقلبات طغت على المخاوف السابقة المتعلقة بفقاعة محتملة في قطاع الذكاء الاصطناعي، وكذلك تأثير السياسات التجارية التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب.

بيانات التضخم الصينية وتأثيرها

أظهرت البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء ارتفاعًا في مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.7% على أساس سنوي في شهر نوفمبر، بعد زيادة بلغت 0.2% في أكتوبر. يشير هذا الارتفاع إلى أن الانكماش الذي كان يهدد الاقتصاد الصيني قد بدأ في التراجع، ولكنه يضع أيضًا ضغوطًا على الحكومة لعدم التسرع في خفض أسعار الفائدة.

على الرغم من ذلك، فقد شهد قطاع التجزئة الصيني أداءً إيجابيًا بعد دعوة من الحكومة بضرورة إعطاء الأولوية لهذا القطاع كونه محركًا رئيسيًا للطلب المحلي. صرح نائب وزير التجارة شينغ تشيوبينغ بأن قطاع التجزئة يجب أن يكون في صدارة الجهود الرامية إلى تعزيز الاستهلاك الداخلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

استقرار سندات الخزانة الأمريكية

استقرت سندات الخزانة الأمريكية في التداولات الآسيوية بعد أن شهدت انخفاضًا في اليوم السابق، وذلك بعد بيانات أمريكية أظهرت ارتفاعًا في عدد الوظائف الشاغرة في شهر أكتوبر إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر. يأتي هذا في وقت كان فيه الفيدرالي يهدف من خلال خفض أسعار الفائدة إلى تحفيز سوق العمل.

من جهته، أعرب كيفن هاسيت، أحد المرشحين الرئيسيين لخلافة جيروم باول على رأس الفيدرالي، عن رأيه بأنه يرى مجالًا كبيرًا لخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر، ربما بما يتجاوز ربع نقطة مئوية.

توقعات مستقبلية ومخاطر محتملة

يرى خبراء الاقتصاد أن هناك احتمالًا كبيرًا لتعديل بيان الفيدرالي بطريقة تشير إلى إمكانية التوقف المؤقت في دورة خفض أسعار الفائدة. ويعتقد ريتشارد فرانولفتش، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في “ويستباك”، أن التوقعات الحالية لأعضاء الفيدرالي تشير إلى خفض واحد فقط في عام 2026، وهو ما يعتبر ضعيفًا للغاية. وأضاف أن إضافة خفض إضافي واحد من قبل أحد أعضاء الفيدرالي المؤيدين للتيسير النقدي قد يغير هذا المتوسط.

بالإضافة إلى ذلك، تشهد أسواق الدين الحكومية العالمية ضغوطًا متزايدة مع إشارة العديد من البنوك المركزية إلى أن دورات التيسير النقدي تقترب من نهايتها. وقد أعلنت ميشيل بولوك من أستراليا عن انتهاء مرحلة التيسير في بلادها، في حين أعربت إيزابيل شنابل، العضو في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، عن ارتياحها لاحتمال رفع أسعار الفائدة في المستقبل.

في الختام، من المتوقع أن يكون قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء محوريًا، حيث سيحدد مسار السياسة النقدية في المستقبل القريب. يجب على المستثمرين مراقبة عن كثب تصريحات جيروم باول والتوقعات الاقتصادية للفيدرالي، بالإضافة إلى نتائج الشركات الكبرى مثل أوراكل وبرودكوم، لتقييم المخاطر والفرص المحتملة في الأسواق.

شاركها.