شهدت المملكة العربية السعودية نمواً اقتصادياً ملحوظاً انعكس بشكل كبير على أعداد أصحاب المليارات، حيث ارتفع عدد المليارديرات السعوديين بشكل غير مسبوق في عام 2025. وفقاً لتقرير “طموحات المليارديرات” الصادر عن بنك “يو بي إس”، انضم 13 اسماً جديداً إلى قائمة الأثرياء، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 19 مليارديراً. هذا الزيادة تعكس تحولات اقتصادية مهمة في البلاد.

هذا الارتفاع يأتي بعد أداء قوي للاقتصاد السعودي، مدعوماً برؤية 2030 والاستثمارات الضخمة في قطاعات متنوعة. التقرير يوضح أن هذا التوسع في عدد الأثرياء جاء مصحوباً بزيادة كبيرة في إجمالي ثرواتهم، حيث قفزت من 38 مليار دولار في عام 2024 إلى 81 مليار دولار في 2025. هذا النمو يعكس ديناميكية جديدة في المشهد الاقتصادي السعودي.

ارتفاع عدد المليارديرات السعوديين: نظرة مفصلة

الزيادة بنسبة 217% في عدد المليارديرات السعوديين بين عامي 2024 و 2025 تعتبر استثنائية، وتضع المملكة في مكانة متقدمة بين الدول ذات النمو الملحوظ في أعداد الأثرياء. هذا النمو ليس مجرد زيادة في الأرقام، بل يعكس أيضاً تحولاً في مصادر الثروة. وفقاً للتقرير، فإن 58% من هؤلاء المليارديرات حققوا ثرواتهم بأنفسهم، مما يشير إلى ازدهار قطاع ريادة الأعمال والابتكار في المملكة.

العوامل الرئيسية وراء النمو

هناك عدة عوامل ساهمت في هذا النمو الملحوظ. أولاً، الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقتها حكومة المملكة ضمن رؤية 2030، والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. ثانياً، الاستثمارات الحكومية الضخمة في قطاعات مثل السياحة والبنية التحتية والتكنولوجيا. ثالثاً، ارتفاع أسعار النفط في بعض الفترات خلال العامين الماضيين، مما ساهم في زيادة الإيرادات الحكومية وتعزيز النمو الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، لعب قطاع العقارات دوراً هاماً في تكوين الثروات، خاصة في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة. كما أن النمو في قطاع التمويل والاستثمار، بالإضافة إلى زيادة عدد الشركات الناشئة الناجحة، ساهم في ظهور جيل جديد من المليارديرات. هذا التنوع في مصادر الثروة يعزز الاستدامة الاقتصادية للمملكة.

التحول الرقمي الذي تشهده المملكة أيضاً يمثل عاملاً مهماً في هذا الصدد. الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية والتشجيع على الابتكار والتقنية ساهم في خلق فرص جديدة للأعمال والاستثمار، مما أدى إلى زيادة الثروات. الثروات في السعودية لم تعد محصورة في القطاعات التقليدية، بل امتدت لتشمل قطاعات جديدة ومتنامية.

يرى محللون اقتصاديون أن الزيادة في عدد المليارديرات السعوديين تعكس أيضاً الثقة المتزايدة في الاقتصاد السعودي، سواء من قبل المستثمرين المحليين أو الأجانب. هذه الثقة تؤدي إلى زيادة الاستثمارات وتوسيع نطاق الأعمال، مما يساهم في خلق المزيد من الثروات والفرص.

تأثيرات النمو على الاقتصاد والمجتمع

إن هذا النمو في أعداد المليارديرات وثرواتهم له تأثيرات إيجابية متعددة على الاقتصاد والمجتمع السعودي. فهو يساهم في زيادة الإيرادات الحكومية، وتوفير المزيد من فرص العمل، وتعزيز النمو الاقتصادي بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، فإن المليارديرات غالباً ما يقومون باستثمارات خيرية واجتماعية، مما يساهم في تحسين مستوى المعيشة وتعزيز التنمية المستدامة.

ومع ذلك، من المهم أيضاً ملاحظة أن الزيادة الكبيرة في الثروات يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التفاوت في الدخول، مما يتطلب اتخاذ تدابير لضمان توزيع أكثر عدالة للثروات. هذا يتضمن الاستثمار في التعليم والتدريب المهني، وتوفير فرص متساوية للجميع.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الزيادة في عدد الأثرياء السعوديين تأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تقلبات وتحديات، مما يجعل الأداء السعودي أكثر تميزاً. هذا يعكس قوة ومتانة الاقتصاد السعودي وقدرته على التكيف مع المتغيرات العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يُظهر هذا النمو إمكانات المملكة الكبيرة في جذب الاستثمارات وتحقيق النمو المستدام.

وفيما يتعلق بالاستثمارات، تشير بعض التقارير إلى أن الاستثمار العقاري في السعودية يظل جاذباً كبيراً للمليارديرات، إلى جانب الاستثمارات في قطاعات السياحة والترفيه والتكنولوجيا المالية. هذه القطاعات تمثل فرصاً واعدة لتحقيق عوائد مجزية.

نظرة مستقبلية وتوقعات

من المتوقع أن يستمر عدد المليارديرات السعوديين وثرواتهم في النمو في السنوات القادمة، مع استمرار تنفيذ رؤية 2030 وتحقيق المزيد من الإصلاحات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن هذا النمو قد يتأثر ببعض العوامل الخارجية، مثل تطورات الاقتصاد العالمي وأسعار النفط.

ستشير الأرقام النهائية لعام 2026، والتي سيتم نشرها في تقرير “طموحات المليارديرات” في أوائل عام 2027، إلى ما إذا كان هذا النمو سيستمر بنفس الوتيرة. من المهم أيضاً مراقبة التغيرات في السياسات الاقتصادية والاستثمارية، والتي قد تؤثر على خلق الثروات وتوزيعها.

شاركها.