حافظت أسعار النفط على زخمها الصاعد لليوم الثاني على التوالي، حيث يراقب المستثمرون عن كثب التطورات المتعلقة بمفاوضات وقف إطلاق النار في أوكرانيا، بالتزامن مع تقييم المخاوف بشأن احتمال زيادة المعروض العالمي. وتراوح سعر خام برنت حول 63 دولارًا للبرميل، بينما اقترب خام غرب تكساس الوسيط من حاجز الـ 60 دولارًا، مما يعكس حالة من الحذر والتريث في الأسواق.
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه الجهود الدبلوماسية المتعلقة بالأزمة الأوكرانية زخمًا جديدًا، مع استعداد المفاوضين الأوكرانيين لجولة حوار جديدة في فلوريدا. ومع ذلك، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تحفظاته تجاه بعض جوانب خطة السلام المدعومة من الولايات المتحدة، مما يلقي بظلال من الشك على فرص التوصل إلى اتفاق قريب.
تأثير مفاوضات أوكرانيا على أسعار النفط
تعتبر الأسواق المالية أي تقدم في مفاوضات أوكرانيا مؤشرًا إيجابيًا محتملاً، حيث قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا، وبالتالي زيادة صادراتها من النفط. ومع ذلك، يرى العديد من المحللين أن التوصل إلى اتفاق شامل لا يزال بعيد المنال في الوقت الحالي.
مخاوف بشأن زيادة المعروض
بالإضافة إلى التطورات الجيوسياسية، تضغط المخاوف بشأن زيادة المعروض العالمي على أسعار النفط. أعلنت شركة أرامكو السعودية عن تخفيض سعر خامها القياسي “العربي الخفيف” إلى آسيا إلى أدنى مستوى له منذ عام 2021 لشهر يناير، في خطوة تشير إلى توقعات بضعف الطلب. كما شهد النفط الكندي انخفاضًا حادًا في الأسعار، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ شهر مارس.
وفقًا لتشاو مي، المحلل في معهد أبحاث تابع لشركة “كاوس تيرناري فيوتشرز”، فإن “الاتجاه الهبوطي لأسعار النفط من المرجح أن يستمر، نظرًا لوجود فائض في المعروض”. وأضاف أن المحادثات المتعلقة بأوكرانيا والخطاب الأمريكي تجاه فنزويلا لا يمثلان سوى “ضوضاء في السوق” ولا يؤثران بشكل كبير على العرض والطلب الفعليين.
تراقب الأسواق أيضًا عن كثب المحادثات الروسية الهندية، وذلك بعد زيارة الرئيس بوتين إلى نيودلهي، وهي أول زيارة رسمية له منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا. وقد أثارت العلاقات المتنامية بين روسيا والهند انتقادات من الولايات المتحدة، التي تخشى من أن يؤدي ذلك إلى تقويض جهودها الرامية إلى عزل روسيا اقتصاديًا.
العوامل المؤثرة الأخرى في سوق النفط
بالإضافة إلى العوامل المذكورة أعلاه، هناك عدد من العوامل الأخرى التي تؤثر على أسعار النفط، بما في ذلك النمو الاقتصادي العالمي، ومستويات المخزونات، وسياسات إنتاج أوبك وحلفائها (أوبك+).
تشير بعض التقارير إلى أن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط، مما يضع ضغوطًا هبوطية على الأسعار. في المقابل، قد يؤدي أي تشديد في سياسات إنتاج أوبك+ إلى دعم الأسعار.
تأثير أسعار الفائدة: يرى بعض المحللين أن ارتفاع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى قد يؤثر سلبًا على أسعار النفط، حيث يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي وتقليل الطلب على الطاقة.
تأثير العلاقات بين الدول المنتجة للنفط
تلعب العلاقات الدبلوماسية بين الدول المنتجة للنفط دورًا حاسمًا في تحديد أسعار النفط. أي توترات جيوسياسية في مناطق رئيسية لإنتاج النفط، مثل الشرق الأوسط، يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب المخاوف بشأن انقطاع الإمدادات.
النفط الكندي: يُعد النفط الكندي من العوامل المؤثرة في سوق النفط العالمي، خاصة بالنسبة لأمريكا الشمالية. انخفاض أسعار النفط الكندي، كما هو الحال حاليًا، يمكن أن يؤثر على ربحية شركات الطاقة الكندية ويؤدي إلى تقليل الاستثمار في هذا القطاع.
الطلب الآسيوي: يظل الطلب على النفط من آسيا، وخاصة من الصين والهند، محركًا رئيسيًا لأسعار النفط العالمية. أي تغييرات في النمو الاقتصادي أو السياسات الحكومية في هذه الدول يمكن أن يكون لها تأثير كبير على السوق.
في الختام، من المتوقع أن تستمر الأسواق في مراقبة التطورات المتعلقة بمفاوضات أوكرانيا، بالإضافة إلى مؤشرات العرض والطلب العالمية. من المقرر أن تجتمع أوبك+ في أوائل فبراير لمناقشة سياسات الإنتاج، ومن المتوقع أن يكون لهذا الاجتماع تأثير كبير على أسعار النفط في الأشهر المقبلة. ومع ذلك، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل السوق، حيث يمكن أن تؤدي أي تطورات جيوسياسية أو اقتصادية غير متوقعة إلى تقلبات كبيرة في الأسعار.
