شهدت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً اليوم، متأثرةً باستمرار حالة عدم اليقين بشأن الصراع في أوكرانيا، و تحديداً إثر جولة جديدة من المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا لم تسفر عن أي انفراجة. هذا الوضع يعزز المخاوف من استمرار القيود المفروضة على إمدادات النفط الروسي لفترة أطول، مما قد يؤثر على استقرار السوق العالمية. وبالرغم من أن الارتفاع لم يكن كبيراً، إلا أنه يعكس حساسية السوق للأحداث الجيوسياسية.

ارتفع خام برنت، وهو المعيار العالمي للنفط، بنسبة 0.35% ليستقر عند 62.67 دولاراً للبرميل. كما صعد خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.5% ليصل إلى ما يقرب من 59 دولاراً للبرميل. وتشير هذه التداولات إلى أن الأسعار لا تزال تتأرجح في نطاق ضيق هذا الأسبوع، متأثرةً بعوامل متضاربة.

تأثير الأزمة الأوكرانية على أسعار النفط

أفاد الكرملين بأن المحادثات مع الوفد الأميركي، بقيادة ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، كانت “بناءة” دون تحديد أي تفاصيل ملموسة. ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا، الأمر الذي يغذي التوقعات باستمرار حالة عدم الاستقرار. أي تسوية سياسية قد تؤدي إلى تخفيف العقوبات على النفط الروسي، مما يزيد من المعروض في السوق العالمية.

بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الهجمات الأخيرة التي استهدفت ناقلات مرتبطة بروسيا في زيادة التوترات. أعلن أحد مديري السفن عن تعليق إرسال السفن إلى روسيا، مما يثير تساؤلات حول قدرة روسيا على تصدير النفط في ظل هذه الظروف. هذا الأمر قد يؤدي إلى تقليل الإمدادات المتاحة في السوق قصيراً إلى متوسط الأجل.

مخزونات النفط الأمريكية وتأثيرها

على الرغم من المخاوف بشأن الإمدادات، أظهر تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) يوم الأربعاء ارتفاعاً في المخزونات التجارية للنفط الخام. وارتفعت المخزونات بمقدار 574 ألف برميل، وهو رقم أقل من التقديرات الأولية التي أشار إليها تقرير صادر عن معهد البترول الأمريكي (API) و الذي سجل زيادة تقدر بنحو 2.5 مليون برميل.

في المقابل، شهدت مخزونات البنزين أكبر ارتفاع منذ شهر مايو، مما يشير إلى تباطؤ في الطلب على هذا المنتج. هذا التباين بين أداء النفط الخام والبنزين يعكس تعقيد ديناميكيات السوق الحالية. تباين الأرقام يزيد من حالة عدم اليقين وتأثيرها على قرارات المستثمرين.

التوترات الجيوسياسية تزيد من الضغوط على سوق النفط

تعمل التوترات الجيوسياسية الأخرى حول العالم كعامل إضافي يدعم أسعار النفط. إضافةً إلى الصراع في أوكرانيا، تثير التصريحات الأخيرة من الولايات المتحدة بشأن فنزويلا، أحد المنتجين الرئيسيين للنفط، القلق. كلام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول احتمال شن عمليات عسكرية ضد ما وصفها بـ “عصابات المخدرات” في فنزويلا يضيف “علاوة مخاطر” إلى أسعار النفط.

وتشير تحليلات السوق إلى أن هذه العوامل المتضاربة قد تؤدي إلى استمرار تقلبات الأسعار في المدى القريب. وفي حين أن زيادة المخزونات الأمريكية قد تمارس ضغطاً هبوطياً، إلا أن التوترات الجيوسياسية يمكن أن تدعم الأسعار. كما أن حالة عدم اليقين بشأن مستقبل النفط الروسي تظل هي العامل الأهم.

تحتاج السوق أيضاً إلى مراقبة تطورات الاقتصاد العالمي، حيث أن أي تباطؤ اقتصادي كبير قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط بشكل عام. وتعتبر الصين، باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم، سوقاً رئيسية يجب متابعتها عن كثب.

وفيما يتعلق بإيرادات روسيا من النفط والغاز، تشير التقارير إلى انخفاضها بنحو الثلث بسبب ضعف الأسعار و العقوبات. هذا الانخفاض يؤثر على الاقتصاد الروسي وقد يؤدي إلى مزيد من الضغوط على الميزانية. هذا الوضع يمكن أن يؤثر على قرارات روسيا المتعلقة بالإمدادات.

في الختام، من المتوقع أن تستمر أسعار النفط في التذبذب في المدى القريب، متأثرةً بمجموعة متنوعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية. وسيراقب المستثمرون عن كثب تطورات الصراع في أوكرانيا، ومفاوضات تخفيف العقوبات عن النفط الروسي، بالإضافة إلى بيانات المخزونات الأمريكية ومؤشرات الطلب العالمي. من الصعب تقديم توقعات دقيقة في ظل هذه الظروف غير المستقرة.

شاركها.