شهدت أسعار النفط ارتفاعاً ملحوظاً في بداية الأسبوع، مدفوعة بتصعيد التوترات الجيوسياسية وتزايد الضغوط الأمريكية على فنزويلا. يأتي هذا الارتفاع بعد أسبوعين من التراجع، حيث استقر خام غرب تكساس الوسيط فوق 58 دولاراً للبرميل. وتتزايد المخاوف بشأن إمدادات النفط العالمية مع استمرار واشنطن في سعيها لتقويض الإيرادات النفطية لحكومة فنزويلا.

قامت القوات الأمريكية بالصعود إلى متن ناقلة النفط “سنتشريز” في البحر الكاريبي يوم السبت، وهي تحمل ما يصل إلى مليوني برميل من الخام الفنزويلي. كما تواصل القوات الأمريكية ملاحقة ناقلة أخرى، “بيلا وان”، والتي كانت متجهة إلى فنزويلا. هذه الإجراءات تمثل تصعيداً في جهود الولايات المتحدة للحد من صادرات النفط الفنزويلي.

الولايات المتحدة تسعى إلى خنق إيرادات فنزويلا من النفط

تواصل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ممارسة ضغوط متزايدة على حكومة نيكولاس مادورو في فنزويلا. تهدف هذه الضغوط إلى قطع أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الحكومة الفنزويلية، وهو بيع النفط. صنفت الولايات المتحدة النظام الفنزويلي على أنه “منظمة إرهابية أجنبية”، واتهمته بالتورط في تهريب المخدرات، وهي اتهامات تنفيها فنزويلا بشدة.

وتؤكد فنزويلا أن الولايات المتحدة تسعى بشكل أساسي إلى السيطرة على مواردها الطبيعية الغنية، وعلى رأسها النفط. على الرغم من امتلاك فنزويلا لأكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم، إلا أن صادراتها تراجعت بشكل كبير، وتمثل الآن أقل من 1% من الطلب العالمي، مع توجه الجزء الأكبر منها إلى الصين.

تأثير الأحداث الجيوسياسية على الأسعار

لم تقتصر التوترات على فنزويلا، حيث تصاعدت المخاطر على الإمدادات من دول أخرى منتجة للنفط. فقد استهدفت أوكرانيا ناقلة نفط تابعة لأسطول الظل الروسي في البحر المتوسط باستخدام طائرات مسيّرة، وذلك بعد هجمات على منشآت شركة “لوك أويل” في بحر قزوين. هذه الأحداث ساهمت في وضع حد أدنى لأسعار النفط، التي شهدت تراجعاً بنحو الخمس هذا العام.

يعزى هذا التراجع في الأسعار إلى زيادة المعروض من النفط، نتيجة لزيادة الإنتاج من قبل دول “أوبك+” وغيرها من الدول المنافسة، بالتزامن مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وانخفاض الطلب على النفط. ومع ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية المستمرة تقدم دعماً مؤقتاً للأسعار.

يرى بوب ماكنالي، رئيس مجموعة “رابيدان إنرجي”، أن النشاط العسكري بالقرب من فنزويلا لن يؤثر بشكل كبير على توقعات فائض المعروض أو المسار الهبوطي العام لأسعار النفط. وأضاف أن هذه الأحداث الجيوسياسية غالباً ما تؤدي إلى ارتفاعات قصيرة الأجل في الأسعار، لكنها لا تؤدي إلى تعطيل جوهري للإنتاج أو التدفقات.

تشير بيانات مجموعة “بريدجتون ريسيرتش” التي استحوذت عليها شركة “كبلر” إلى أن مستشاري السلع الذين يعتمدون على اتجاهات السوق يحتفظون بمراكز بيع كاملة بنسبة 100% لكل من خام برنت وغرب تكساس الوسيط. هذا يعكس توقعاتهم باستمرار الضغط الهبوطي على أسعار النفط.

مستقبل أسعار النفط

من المتوقع أن تستمر المخاطر الجيوسياسية في لعب دور في تحديد أسعار النفط على المدى القصير. ومع ذلك، فإن العوامل الأساسية مثل فائض المعروض والنمو الاقتصادي العالمي الضعيف من المرجح أن تظل هي المهيمنة.

سيكون من المهم مراقبة تطورات الوضع في فنزويلا، وردود فعل سوق النفط على أي تصعيد إضافي. كما يجب متابعة قرارات “أوبك+” بشأن مستويات الإنتاج، وأي تغييرات في النمو الاقتصادي العالمي. من المرجح أن تحدد هذه العوامل مسار أسعار النفط في الأشهر المقبلة.

في الوقت الحالي، لا يوجد مؤشر واضح على أن هذه الأحداث ستؤدي إلى ارتفاع كبير ومستدام في أسعار النفط. ومع ذلك، فإن الوضع لا يزال متقلباً، ويتطلب مراقبة دقيقة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب الانتباه إلى أي تطورات جديدة في الصراع الروسي الأوكراني وتأثيرها المحتمل على إمدادات النفط من روسيا.

شاركها.