ارتفعت أسعار النفط يوم الاثنين بعد تأكيد مجموعة أوبك وحلفائها (أوبك+) التزامها بتجميد زيادات الإنتاج خلال الربع الأول من العام. يأتي هذا في وقت يواصل فيه المتعاملون في الأسواق تقييم المخاطر الجيوسياسية المتصاعدة، والتداعيات المحتملة لتحذيرات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن فنزويلا. تراوح سعر خام برنت حول 63 دولارًا للبرميل، بينما استقر خام غرب تكساس الوسيط عند نحو 59 دولارًا.

جاء قرار أوبك+ خلال اجتماع يوم الأحد، وأكد على التجميد الذي أُعلن عنه في بداية الشهر الماضي لمدة ثلاثة أشهر. وأوضحت المجموعة أن هذا الإجراء يهدف إلى معالجة ضعف الطلب الموسمي المتوقع في السوق. وبالرغم من هذا القرار، لا تزال المخاوف بشأن معروض غزير من النفط تضغط على الأسعار.

تأثير قرارات أوبك+ على أسعار النفط

شهدت أسعار النفط انخفاضًا شهريًا رابعًا على التوالي في شهر نوفمبر، وذلك بسبب التوقعات بزيادة المعروض. تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى احتمال تسجيل فائض قياسي في المعروض بحلول عام 2026. لكن، وعلى الرغم من هذه التوقعات السلبية، ساهمت التوترات الجيوسياسية المستمرة في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط، في دعم الأسعار خلال العام الحالي.

أشار المحلل و رئيس استراتيجية السلع في “آي إن جي”، وارن باترسون، إلى أن “المخاطر المستمرة المتعلقة بالإمدادات تعني أن العوامل السلبية الأساسية قد تحتاج إلى وقت أطول لتنعكس بشكل كامل على الأسعار، حتى مع توقعات السوق الهبوطية”. وهذا يدل على أن السوق يعطي وزنًا كبيرًا للعوامل الجيوسياسية في تقييم الأسعار.

تصريحات ترامب حول فنزويلا وتداعياتها

صعّد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الضغط على فنزويلا خلال عطلة نهاية الأسبوع بتحذير شركات الطيران من اعتبار المجال الجوي الفنزويلي محظورًا. لاحقًا، خفف ترامب من لهجته قليلًا في تصريحاته يوم الأحد، لكن استمرار الانتشار العسكري الأمريكي في المنطقة أبقى السوق في حالة ترقب.

تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه فنزويلا محاولات دبلوماسية حثيثة. مفاوضون أمريكيون وأوكرانيون أجروا محادثات وصفها الطرفان بـ “البناءة” بشأن إطار اتفاق سلام محتمل، وذلك في ظل سعي ترامب للتوصل إلى هدنة في الصراع الروسي الأوكراني. إن اتفاقًا على وقف إطلاق النار قد يمهد الطريق لتخفيف العقوبات المفروضة على روسيا، وبالتالي زيادة صادراتها من النفط الخام.

الوضع الجيوسياسي ودوره في استقرار أسعار النفط

ترى شاروا شانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في “ساكسو ماركتس” أن “التطورات الجيوسياسية وخطوات أوبك+ يبدو أنها تعملان حاليًا كقوى تمنع انهيار أسعار النفط، بدلًا من كونها عوامل دافعة لارتفاعها بشكل مستدام”. وأضافت أن السوق يراقب بشكل كبير “مخاطر الأخبار” بهدف تجنب المزيد من عمليات البيع.

بالإضافة إلى ذلك، هناك اهتمام متزايد بمؤشرات الطلب العالمي على النفط. بيانات من الصين، ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم، قد توفر رؤى مهمة حول آفاق النمو الاقتصادي وتأثيره على الطلب على النفط. كما أن قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة تلعب دورًا هامًا في تحديد قوة الاقتصاد العالمي، وبالتالي الطلب على الطاقة.

تعتبر أسعار النفط من أهم المؤشرات الاقتصادية، و تؤثر بشكل كبير على العديد من القطاعات. الخطر الأكبر الذي يواجه السوق حاليًا هو التوازن بين العرض والطلب، و قدرة أوبك+ على الحفاظ على الانضباط في الإنتاج.

وفي المستقبل القريب، يتوقع أن يراقب السوق عن كثب عدداً من العوامل، بما في ذلك نتائج المحادثات الدبلوماسية المتعلقة بأوكرانيا، و التطورات في فنزويلا، بالإضافة إلى بيانات اقتصادية رئيسية من الولايات المتحدة والصين. كما ستكون قرارات أوبك+ خلال اجتماعها القادم في أوائل العام المقبل حاسمة في تحديد مسار أسعار النفط خلال الأشهر القادمة. تظل الصورة العامة غير مؤكدة، و يعتمد اتجاه الأسعار على تفاعل هذه العوامل معًا.

تعتبر عوامل مثل أسعار صرف الدولار و حالة الطقس في مناطق رئيسية تستهلك النفط أيضًا من المؤشرات التي يجب متابعتها باستمرار. وعلى الرغم من التأكيد على تجميد الانتاج، لاتزال هناك احتمالية لزيادة المعروض في حالة حدوث انفراجات دبلوماسية غير متوقعة أو تغييرات في سياسات الدول المصدرة للنفط.

شاركها.