شهدت أسواق المعادن النفيسة ارتفاعاً تاريخياً في أسعار الذهب والفضة والبلاتين، مدفوعة بتصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية وتراجع قيمة الدولار الأمريكي. ووصل سعر الذهب إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، متجاوزاً 4540 دولاراً للأونصة، بينما ارتفعت الفضة بأكثر من 7% لتتخطى 77 دولاراً للأونصة، في حين سجل البلاتين مكاسب قوية تجاوزت 40% خلال الشهر الجاري.
جاء هذا الارتفاع الحاد في ظل تزايد المخاوف بشأن الأوضاع في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك فنزويلا ونيجيريا، بالإضافة إلى ضعف أداء الدولار الأمريكي. ويعتبر الذهب ملاذاً آمناً تقليدياً للمستثمرين في أوقات الأزمات وعدم اليقين الاقتصادي والسياسي.
العوامل الداعمة لارتفاع أسعار الذهب
ساهمت عدة عوامل في هذا الارتفاع التاريخي في أسعار الذهب. فبالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية، لعب ضعف الدولار دوراً مهماً، حيث أن انخفاض قيمة الدولار يجعل الذهب أرخص للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى. ووفقاً لمؤشر بلومبرغ، شهد الدولار الأمريكي أكبر انخفاض أسبوعي له منذ يونيو.
علاوة على ذلك، قامت البنوك المركزية حول العالم بزيادة مشترياتها من الذهب، مما أدى إلى زيادة الطلب عليه. كما أن صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة (ETFs) المدعومة بالذهب شهدت تدفقات كبيرة من المستثمرين، مما ساهم في ارتفاع الأسعار. وقد ارتفعت الحيازات في صندوق SPDR Gold Trust، أكبر صندوق متداول للمعادن النفيسة، بأكثر من الخمس هذا العام.
تأثير التوترات الجيوسياسية
أدت التوترات في فنزويلا، مع تشديد الولايات المتحدة للحصار على صادرات النفط، إلى تعزيز جاذبية الذهب كملاذ آمن. وبالمثل، أثارت الأحداث في نيجيريا، بما في ذلك العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، مخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن أصول أكثر أماناً مثل الذهب.
صعود الفضة والبلاتين
لم يقتصر الارتفاع على الذهب فحسب، بل شهدت الفضة والبلاتين أيضاً مكاسب كبيرة. وارتفعت الفضة بنسبة 7.6% لتتجاوز 77 دولاراً للأونصة، مدفوعة بتدفقات مضاربية واضطرابات في الإمدادات. أما البلاتين، فقد ارتفع سعره بأكثر من 40% خلال الشهر الجاري، متجاوزاً 2400 دولار للأونصة، وذلك بسبب ارتفاع الطلب الفعلي ونقص الإمدادات من جنوب أفريقيا.
وقال دانيال تقي الدين، الرئيس التنفيذي لمجموعة “سكاي لينكس كابيتال”، إن “التوترات الجيوسياسية المتصاعدة استمرت في دعم الطلب على أصول الملاذ الآمن”، بما في ذلك الذهب والفضة. وأضاف تقي الدين أن انخفاض سيولة السوق في نهاية العام يُفاقم تقلبات الأسعار.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت تكاليف الاقتراض المنخفضة في دعم أسعار المعادن النفيسة، حيث أن المعدن لا يدر عائداً. ويتوقع المتعاملون مزيداً من خفض أسعار الفائدة في عام 2026، مما قد يدعم الطلب على الذهب.
ارتفع الذهب بنسبة 1.3% إلى 4530.02 دولار للأونصة، وصعدت الفضة بنسبة 7.5% إلى 77.27 دولار. وارتفع البلاتين بنسبة 7.5% إلى 2425.36 دولار، وحقق البلاديوم مكاسب بنسبة 11.7%.
من المتوقع أن يستمر أداء أسعار المعادن النفيسة في الاعتماد على التطورات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية. وسيكون من المهم مراقبة تطورات الأوضاع في فنزويلا ونيجيريا، بالإضافة إلى سياسات البنوك المركزية وأداء الدولار الأمريكي. كما أن نتائج تحقيق وزارة التجارة الأمريكية بشأن واردات المعادن الحيوية قد تؤثر على أسعار الفضة والبلاتين. ويترقب المستثمرون أي إشارات جديدة حول مسار أسعار الفائدة في عام 2026، والتي قد تؤثر على جاذبية الذهب كأصل استثماري.
