ستراقب “وول ستريت” عن كثب نتائج أعمال شركة إنفيديا، والتي ستُعلن بعد إغلاق السوق يوم الأربعاء، للحصول على نظرة ثاقبة حول الإنفاق الضخم على الذكاء الاصطناعي. يأتي هذا التقييم في وقت يشهد فيه السوق تراجعًا، مما يجعل رد الفعل على النتائج أكثر أهمية من مجرد الأرقام نفسها. النتائج ستكون مؤشرًا رئيسيًا على صحة الاستثمار المتزايد في هذا القطاع.

يرى سكوت مارتن، المدير الاستثماري في “كينغز فيو ويلث مانجمنت”، أن أداء إنفيديا له تأثير كبير على السوق بشكل عام. وقال مارتن، الذي تمتلك شركته أسهمًا في إنفيديا وشركات تقنية كبرى أخرى: “هذا التقرير من النوع الذي يُقال فيه: ما يصيب إنفيديا يصيب السوق”.

توقعات أرباح إنفيديا للربع الثالث

يتوقع محللو السوق نموًا كبيرًا في صافي دخل وإيرادات شركة إنفيديا في الربع المالي الثالث، حيث تشير التقديرات إلى زيادة تتجاوز 50% في كلتا الحالتين. يعزى هذا التوقع بشكل أساسي إلى الطلب المتزايد على رقائق إنفيديا من قبل الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

تشير بيانات جمعتها بلومبرغ إلى أن شركات مثل مايكروسوفت وأمازون وألفابت وميتا، والتي تمثل أكثر من 40% من مبيعات إنفيديا، من المتوقع أن تزيد إنفاقها على الذكاء الاصطناعي بنسبة 34% خلال الـ 12 شهرًا القادمة، ليصل إجمالي الإنفاق إلى 440 مليار دولار. هذا النمو يضع إنفيديا في موقع محوري لتلبية هذه الاحتياجات المتزايدة.

ومع ذلك، هناك خطر كامن في فقدان مصداقية هذه الأرقام إذا اضطرت الشركات الكبرى العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها شركة أوبن إيه آي، إلى إعادة النظر في التزاماتها الإنفاقية. الاعتماد الكبير على عدد قليل من العملاء الكبار يمثل تحديًا محتملاً لإنفيديا.

“لعبة خطيرة” تواجه شركات الذكاء الاصطناعي

يرى مايكل أورورك، كبير استراتيجي السوق في “جونز تريدنغ”، أن الشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي قد رفعت سقف التوقعات بشكل مفرط. وأضاف: “حرصت الشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي على رفع سقف التوقعات باستمرار، والآن عليها ليس فقط تحقيق الأرقام، بل الاستمرار في تغذية التوقعات المتزايدة في السوق”. ويصف أورورك هذا الوضع بأنه “لعبة خطيرة” خاصة بالنسبة للشركات العامة.

طالما التزمت هذه الشركات بأهدافها المعلنة، من المتوقع أن تستفيد إنفيديا بشكل كبير. فأداء إنفيديا الجيد عادة ما ينعكس إيجابًا على سوق الأسهم، حيث تمثل الشركة وزنًا كبيرًا في مؤشر “إس آند بي 500” وهي في قلب تجارة الذكاء الاصطناعي التي قادت ارتفاعات متتالية في الأسهم خلال العام الماضي.

ولكن في ظل تزايد الشكوك حول الإنفاق على الذكاء الاصطناعي وتراجع أسهم إنفيديا بأكثر من 12% منذ بلوغها ذروتها قبل أربعة أسابيع، سيتركز اهتمام المستثمرين على كيفية تفسير النتائج المعلنة. مارتن من “كينغز فيو ويلث” يرى أن النتائج القوية، مع توقعات مبيعات إيجابية، ستطمئن السوق.

أهمية سلسلة شرائح “بلاكويل”

من المتوقع أن يركز المستثمرون بشكل خاص على أداء سلسلة شرائح “بلاكويل” التي طورتها إنفيديا، والتي يُنظر إليها على أنها المحرك الرئيسي لنمو الشركة في المستقبل. كما سيكون توسيع الهوامش الربحية، خاصة في وحدة مراكز البيانات التي تمثل حوالي 90% من إيرادات الشركة في الربع الثاني، أمرًا بالغ الأهمية.

قد يمنح تحقيق أرباح قوية وتقديم توقعات واعدة لشركة إنفيديا بعض الراحة للمستثمرين الذين بدأوا يشعرون بالقلق بشأن تقييمات أسهم الذكاء الاصطناعي، وطبيعة التمويل، والمبالغ الهائلة المستثمرة في البنية التحتية دون تحقيق عوائد ملموسة حتى الآن. ومع ذلك، لا يزال هناك قلق بشأن الاستدامة طويلة الأجل لهذا النمو.

أدت هذه المخاوف إلى إضعاف أسهم التكنولوجيا والأسواق بشكل عام، مما تسبب في تسجيل مؤشر “إس آند بي 500” لأكبر خسارة له في أربعة أيام منذ أبريل. هذا يشير إلى أن السوق أصبح أكثر حساسية لأي أخبار سلبية.

أداء سهم إنفيديا الحالي

على الرغم من عمليات البيع الأخيرة، ارتفعت أسهم إنفيديا بنسبة 35% هذا العام، وهو ما يزيد عن ضعف العائد الذي حققه مؤشر “ناسداك 100” والبالغ حوالي 17%. وقد جعل التراجع الأخير تقييم سهم الشركة أكثر جاذبية نسبيًا.

يتداول سهم إنفيديا حاليًا عند حوالي 29 ضعفًا للأرباح المستقبلية، وهو أقل من متوسطه خلال 10 سنوات البالغ 35، ولكنه أعلى قليلاً من مضاعف مؤشر “ناسداك 100” البالغ حوالي 26. ويرى مارتن أن هذا المضاعف لا يزال معقولاً بالنظر إلى معدل النمو السريع للشركة.

فيما يتعلق بالنمو المستقبلي، يتوقع المحللون تباطؤًا في نمو إيرادات إنفيديا في السنوات القادمة. تشير التوقعات إلى زيادة تقارب 60٪ في الإيرادات خلال السنة المالية 2026، تليها زيادة بنسبة 41٪ في عام 2027 و 22٪ في عام 2028. هذا التباطؤ المتوقع قد يؤثر على نظرة المستثمرين.

أسهم الذكاء الاصطناعي وحجم السوق

أظهر تحليل لتقارير الربع السنوي لـ 909 صندوق تحوط انقسامًا شبه متساوٍ بين الصناديق التي زادت مراكزها في إنفيديا وتلك التي قلّصتها خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في 30 سبتمبر. من غير الواضح ما إذا كان هذا الانخفاض يعكس عمليات جني أرباح أو تغييرًا في النظرة السلبية تجاه إنفيديا والذكاء الاصطناعي.

تقول ميليسا أوتو، رئيسة أبحاث التكنولوجيا والإعلام والاتصالات في “فِيزِبل ألفا”: “أعتقد أن السوق يكافح حاليًا لتقدير حجم السوق الإجمالي لهذه البنية التحتية للذكاء الاصطناعي”. وتضيف أن السوق بحاجة إلى مزيد من الوضوح بشأن الإمكانات طويلة الأجل لهذا القطاع.

الخطوة التالية هي متابعة إعلان إنفيديا عن نتائج أعمالها بعد إغلاق السوق يوم الأربعاء. سينصب التركيز على الإيرادات والأرباح والتوقعات المستقبلية. كما سيكون من المهم مراقبة رد فعل السوق وتقييم ما إذا كانت النتائج ستنعكس إيجابًا على أسهم الشركة وعلى قطاع الذكاء الاصطناعي بشكل عام.

شاركها.