حافظ قطاع تجارة الخدمات في الصين على زخم نموه خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، مسجلاً إجمالي واردات وصادرات بلغ 6.58 تريليون يوان (حوالي 930.5 مليار دولار أمريكي)، بزيادة ملحوظة قدرها 7.5% مقارنة بالعام السابق. يعكس هذا النمو استمرار جهود الصين لتعزيز قطاع الخدمات كجزء أساسي من اقتصادها المتنوع، مع التركيز بشكل خاص على التجارة الرقمية والخدمات ذات القيمة المضافة العالية. وتشير البيانات الصادرة عن وزارة التجارة الصينية إلى تحسنات في مجالات رئيسية مثل السياحة والتأمين والنقل.
وقد شهدت الصادرات من الخدمات نموًا أسرع، حيث ارتفعت بنسبة 14.3% لتصل إلى أكثر من 2.9 تريليون يوان، بينما زادت الواردات بنسبة 2.6% لتصل إلى 3.67 تريليون يوان. يأتي هذا التطور في وقت تسعى فيه الصين لتحقيق توازن أكبر في ميزانها التجاري، وتقليل الاعتماد على الصادرات الصناعية التقليدية. وتستمر الحكومة في تنفيذ سياسات تهدف إلى تسهيل التجارة عبر الحدود في قطاع الخدمات.
تراجع العجز في تجارة الخدمات الصينية
أظهرت البيانات الصينية انخفاضًا ملحوظًا في العجز التجاري لقطاع الخدمات، حيث تقلص بمقدار 269.39 مليار يوان مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويعزى هذا الانخفاض إلى النمو القوي في الصادرات من الخدمات، بالإضافة إلى تدابير حكومية لدعم التوازن التجاري. يعتبر هذا التوجه إيجابيًا، حيث يشير إلى قدرة الصين المتزايدة على تقديم خدمات تنافسية على المستوى الدولي.
مؤشرات اقتصادية أخرى وتأثيرها
في سياق أوسع، تشير بيانات أخرى صدرت مؤخرًا إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي الصيني. فقد انكمش نشاط القطاع غير الصناعي، بما في ذلك الخدمات، في نوفمبر لأول مرة منذ ديسمبر 2022، وفقًا لمؤشر مديري المشتريات الصيني (PMI). يعكس هذا الانكماش تحديات تواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بما في ذلك تباطؤ الطلب المحلي وتقلبات الأسواق العالمية.
انخفض مؤشر مديري المشتريات للقطاع غير الصناعي إلى 49.5 نقطة في نوفمبر، نزولًا من 50.1 نقطة في أكتوبر. بالمثل، انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي يجمع بين القطاعين الصناعي وغير الصناعي، إلى 49.7 نقطة. يُذكر أن أي قراءة أقل من 50 نقطة تشير إلى انكماش في النشاط الاقتصادي. تزايد المخاوف بشأن قطاع العقارات الصيني تسببت في انخفاض ثقة المستهلك وتقليل الاستثمار.
تحديات تواجه نمو تجارة الخدمات وقطاع السياحة
على الرغم من النمو الإيجابي في تجارة الخدمات بشكل عام، إلا أن هناك تحديات قائمة. يعتبر تعافي قطاع السياحة، وهو جزء مهم من الخدمات، بطيئًا نسبيًا بسبب استمرار بعض القيود وتراجع الإنفاق الاستهلاكي. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر المنافسة المتزايدة من الدول الأخرى على حصة الصين في بعض أسواق الخدمات الرئيسية. تشمل هذه التحديات أيضًا الحاجة إلى ترقية البنية التحتية الرقمية وتسهيل عمليات الدفع عبر الحدود.
وفي المقابل، هناك فرص كبيرة لنمو تجارة الخدمات في المستقبل. تستثمر الصين بشكل كبير في تطوير التكنولوجيا والابتكار، مما يمكنها من تقديم خدمات جديدة ومتطورة. كما أن لديها سوقًا داخليًا ضخمًا يمثل قاعدة قوية للنمو. إضافة إلى ذلك، تواصل مبادرة الحزام والطريق تعزيز التجارة والتعاون مع الدول الأخرى، مما يفتح آفاقًا جديدة لتصدير الخدمات الصينية.
يشير تحليل اقتصادي إلى أن التراجع في مؤشر مديري المشتريات قد يعكس أيضًا تأثيرًا مؤقتًا للعوامل الموسمية، حيث عادة ما يتباطأ النشاط الاقتصادي في نهاية العام. ومع ذلك، يعتبر هذا التباطؤ بمثابة إشارة تحذيرية تتطلب من الحكومة اتخاذ تدابير إضافية لتحفيز النمو الاقتصادي، بما في ذلك دعم الاستثمار وتعزيز الاستهلاك المحلي. تتضمن هذه التدابير أيضًا جهودًا لتسهيل الوصول إلى التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة، ودعم الابتكار والتطوير التكنولوجي.
يرتقب خبراء الاقتصاد أن تصدر الحكومة الصينية قريبًا المزيد من البيانات الاقتصادية المتعلقة بالشهر الجاري. من المتوقع أن تتضمن هذه البيانات معلومات مفصلة حول أداء قطاعات الصناعة والخدمات والاستثمار. سيراقب المحللون عن كثب هذه المؤشرات لتقييم الاتجاهات الاقتصادية الحالية وتحديد مدى فعالية التدابير الحكومية المتخذة لتحقيق النمو المستدام. كما سيשיםون بالاً خاصاً لأي تطورات في قطاع العقارات وتأثيرها على الاقتصاد بشكل عام.
