نفت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز يوم الأحد اتهامات بتضليل الجمهور بشأن التوقعات الاقتصادية قبل إعلان الميزانية المرتقبة في 26 نوفمبر. يأتي هذا الرفض في أعقاب جدل حول تصريحات أدلت بها في 4 نوفمبر، حيث أشارت إلى ضعف الإنتاجية، مما أثار تكهنات حول احتمال التراجع عن وعود انتخابية بزيادة الضرائب. وتؤكد ريفز أنها كانت صريحة بشأن الحاجة إلى تعزيز الميزانية البريطانية لخلق هامش مالي أكبر.

جدل حول توقعات الميزانية البريطانية

أثارت تصريحات ريفز في بداية نوفمبر تساؤلات حول مدى شفافية الحكومة في الكشف عن الوضع الاقتصادي الحقيقي قبل الميزانية. فقد ذكرت ريفز أن أداء الإنتاجية كان “أضعف مما كان يُعتقد سابقاً”، مما فُهم على نطاق واسع على أنه تمهيد لزيادة الضرائب لتغطية أي عجز محتمل.

لكن رئيس مكتب مسؤولية الميزانية (OBR) نشر رسالة يوم الجمعة أوضح فيها أن التوقعات التي تلقتها الحكومة أظهرت تعويضاً عن انخفاض الإنتاجية من خلال ارتفاع الأجور الحقيقية والتضخم، وهي نقطة لم تشر إليها ريفز في خطابها. هذا التوضيح زاد من الضغط على ريفز وحزب العمال.

رد فعل حزب المحافظين

استغل حزب المحافظين المعارض هذه القضية، وطالب باستقالة ريفز، متهماً إياها بالتلاعب بالمعلومات وتقديم صورة غير دقيقة للوضع المالي للبلاد. ويرى المحافظون أن هذا التضليل يقوض ثقة الجمهور في الحكومة وفي عملية إعداد الميزانية.

من جانبها، رفضت ريفز هذه المطالبات بشكل قاطع، وأعلنت عن نيتها البقاء في منصبها. وأعربت عن فخرها بالميزانية التي قدمتها هذا الأسبوع، مشيرة إلى أنها واجهت تحديات كبيرة طوال مسيرتها المهنية.

وكشفت ريفز عن أن التوقعات الأولية التي تلقتها من مكتب مسؤولية الميزانية قبل خطابها في 4 نوفمبر كانت تشير إلى وجود فائض قدره 4.2 مليار جنيه إسترليني، دون الحاجة إلى اتخاذ أي إجراءات جديدة أو التراجع عن خطط الإنفاق السابقة. لكنها أكدت أن هذا الفائض لم يكن كافياً لتوفير المرونة اللازمة للاقتصاد.

وأوضحت ريفز أن هدفها الرئيسي كان تعزيز هذا الهامش المالي، معتبرة أن الفائض الذي يزيد قليلاً على 4 مليارات جنيه إسترليني “لم يكن كافياً، ولم يكن ليمنح بنك إنجلترا مساحة لمواصلة خفض أسعار الفائدة”. وهذا يشير إلى أن الحكومة كانت حريصة على الحفاظ على قدرتها على الاستجابة لأي صدمات اقتصادية مستقبلية.

وعند تقديم الميزانية يوم الأربعاء، نجحت ريفز في مضاعفة الهامش المالي ليصل إلى 21.7 مليار جنيه إسترليني، مقارنة بـ 9.9 مليار جنيه في خطتها السابقة. يعتبر هذا التحسن الكبير في الوضع المالي بمثابة انتصار للحكومة، حيث يمنحها المزيد من المرونة في مواجهة التحديات الاقتصادية.

هذا التحسن في الهامش المالي يعكس أيضاً التغيرات في التوقعات الاقتصادية، حيث يشير مكتب مسؤولية الميزانية إلى أن الاقتصاد البريطاني قد يكون أكثر مرونة مما كان يعتقد سابقاً. الوضع الاقتصادي بشكل عام لا يزال هشاً، لكن التحسن في الأرقام يوفر بعض الأسباب للتفاؤل.

الإنفاق الحكومي كان محوراً رئيسياً في هذه الميزانية، حيث سعت الحكومة إلى تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على الديون. وقد أعلنت ريفز عن مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز الاستثمار وتحسين الإنتاجية.

بالإضافة إلى ذلك، أشار خبراء التحليل المالي إلى أن استقرار سوق السندات الحكومية البريطانية بعد فترة من التقلبات يعكس ثقة المستثمرين في قدرة الحكومة على إدارة الاقتصاد بمسؤولية. ومع ذلك، لا يزال هناك قلق بشأن تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على النمو الاقتصادي.

من المتوقع أن يواصل البرلمان البريطاني مناقشة تفاصيل الميزانية خلال الأيام القادمة. وستكون هناك فرصة للمعارضة لتقديم تعديلات على الخطة، لكن من غير المرجح أن يتم إقرار أي تعديلات كبيرة. يجب مراقبة ردود فعل الأسواق المالية وتطورات المؤشرات الاقتصادية الرئيسية لتقييم الأثر الكامل للميزانية على المدى القصير والمتوسط.

شاركها.