أصدرت وزارة النقل العراقية، يوم الأحد، بياناً رسمياً حول الصور المتداولة على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي والتي تظهر ما يشبه طائرة متوقفة بالقرب من منطقة الوركاء في صحراء السماوة. وقد أثارت هذه الصور جدلاً واسعاً وتكهنات حول طبيعة هذا الجسم وهويته، مما استدعى تدخل الوزارة لتوضيح الأمر وتقديم تفسير علمي وتقني لـ “الطائرة الشبحية”. وتأتي هذه التوضيحات بهدف نفي أي معلومات مضللة والاعتماد على المصادر الرسمية.
وبحسب بيان الوزارة، فإن التحقق الدقيق من الصور من خلال مقارنتها ببيانات متعددة من منصات الأقمار الصناعية مثل ArcGIS و Bing Maps و Zoom Earth، كشف عن أن الصورة المتداولة هي لقطة واحدة فقط في تطبيق Google Earth. ولم يظهر أي أثر للطائرة في أي صور سابقة أو لاحقة، أو في أي بيانات من مصادر فضائية أخرى، مما يشير إلى طبيعة استثنائية لهذه الظاهرة.
تفسير ظاهرة “الطائرة الشبحية”
وأشارت الوزارة إلى أن ما ظهر في الصورة يندرج ضمن ما يُعرف بظاهرة “الطائرة الشبحية” أو “ghost plane”، وهي ليست نادرة الحدوث، بل تعتبر ظاهرة شائعة نسبياً في التصوير الفضائي. تحدث هذه الظاهرة عندما تلتقط الأقمار الصناعية صوراً ثابتة للأرض في لحظة مرور طائرة حقيقية بسرعة في الجو.
نتيجةً لسرعة الطائرة، قد يظهر ظلّها أو انعكاسها في الصورة بشكل مشوه، وكأنها جاثمة على الأرض. إلا أنها في الحقيقة ليست موجودة في ذلك الموقع الثابت، بل هي مجرد صورة عابرة التُقطت في جزء من الثانية. بمعنى آخر، الأمر يتعلق بخدع بصرية ناجمة عن تزامن التقاط الصورة مع حركة الطائرة.
كيف تختفي الطائرة؟
كما أوضحت وزارة النقل، فإن “الطائرة الشبحية” تختفي تماماً عند تحديث الصور الفضائية أو استبدالها بصور جديدة. هذا التأكيد يُدعم بأن الجسم المرئي لم يكن له وجود مادي حقيقي على الأرض في المقام الأول. وتؤكد الوزارة أن هذه الظاهرة تُسجل بأعداد كبيرة في مختلف أنحاء العالم بسبب الكثافة المرورية الجوية المستمرة والتصوير الفضائي المتواصل.
وتشابه هذه الحالة مع العديد من الظواهر البصرية الموثقة في صور الأقمار الصناعية الأخرى، مثل ظهور “أشباح” السيارات على الطرق السريعة، أو حتى تشوهات في معالم الجبال والأودية. تعتمد هذه التشوهات على زاوية التقاط الصورة، وظروف الإضاءة، وسرعة حركة الأجسام المصورة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن دقة التصوير الفضائي ليست دائماً مثالية، وقد تؤدي إلى ظهور بعض التشويهات أو الأخطاء في الصور. وهذا ما يفسر أيضاً ظهور بعض الأجسام بشكل غير واضح أو غير دقيق في الصور المتداولة.
وشددت وزارة النقل على عدم وجود أي طائرة مهجورة أو غير معروفة في الموقع المذكور، وأن جميع الطائرات الخاضعة لسيطرتها روتينية. ودعت الوزارة المواطنين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى التحقق من صحة المعلومات قبل نشرها، والاعتماد على المصادر الرسمية والبيانات الفنية المدققة لتجنب تداول الشائعات والمعلومات المضللة.
التحقق من مصادر المعلومات
في سياق متصل، أكدت مصادر في مجال الطيران المدني أن مثل هذه الظواهر ليست جديدة، وأن خبراء التصوير الفضائي على دراية بها جيداً. وأشارت إلى أن تقنيات التحليل الحديثة تسمح بتحديد هذه الأخطاء البصرية وفصلها عن الأجسام الحقيقية الموجودة على الأرض.
ومع تزايد استخدام صور الأقمار الصناعية في مختلف المجالات، بما في ذلك الملاحة والتخطيط الحضري والرصد البيئي، أصبح من الضروري زيادة الوعي بهذه الظواهر وتوضيحها للجمهور. كما يجب تطوير أدوات وتقنيات أفضل لتحليل هذه الصور وتحديد الأخطاء البصرية بدقة أكبر. وهذا يمثل تحدياً كبيراً للباحثين والمهندسين في مجال الاستشعار عن بعد.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة النقل العراقية قد كثفت في الفترة الأخيرة جهودها لتحسين خدمات الطيران المدني وتعزيز السلامة الجوية، وذلك من خلال تحديث البنية التحتية وتدريب الكوادر البشرية وتطبيق أحدث التقنيات. وتأتي هذه الجهود في إطار رؤية الحكومة العراقية لتحقيق التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل الوطني.
تتوقع وزارة النقل إجراء المزيد من التحليلات للصور الفضائية في المنطقة، وستبقي المواطنين على اطلاع بأي تطورات جديدة. ومع ذلك، فإن الاحتمالات تشير إلى أن الظاهرة كانت نتيجة لـ تصوير فضائي خاطئ، ولا يوجد أي سبب للذعر أو القلق. كما أن الوزارة ستواصل جهودها لتعزيز الشفافية وتوفير المعلومات الدقيقة للجمهور حول جميع الأمور المتعلقة بقطاع النقل، وستراقب عن كثب انتشار أي معلومات مضللة عبر الإنترنت.
