هبوط اقتصادي أميركي ناعم يتماشى مع ضعف الدولار: جولدمان ساكس
Investing.com – في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد العالمي حالة من عدم اليقين، يبدو أن الولايات المتحدة في طريقها لتحقيق “هبوط ناعم”، وهو السيناريو الذي يتباطأ فيه الاقتصاد دون الدخول في حالة ركود.
وتتوافق هذه النتيجة المحتملة، وفقًا للمحللين في جولدمان ساكس، مع ضعف الاقتصاد الأمريكي. وقال المحللون: “على الرغم من الاضطرابات الأخيرة في السوق، يبدو أن الاقتصاد الأمريكي يقترب من تحقيق هبوط ناعم، ومن المرجح أن يقدم بنك الاحتياطي الفيدرالي أول خفض غير ركودي في سبتمبر”.
ومن المتوقع أن تساعد هذه الخطوة السياسية على استقرار الاقتصاد دون الانزلاق إلى ركود كامل.
يشير مصطلح “الهبوط الناعم” إلى حالة يتباطأ فيها النمو الاقتصادي بدرجة كافية لكبح التضخم ولكن ليس إلى الحد الذي يؤدي إلى الركود.
من الناحية التاريخية، كان تحقيق مثل هذه النتيجة أمرا صعبا، ولكن المؤشرات الاقتصادية الحالية تشير إلى أن الولايات المتحدة قد تكون قادرة على التعامل مع هذا التوازن الدقيق.
ويشير المحللون في جولدمان ساكس إلى تطور فريد من نوعه في البيئة الاقتصادية الحالية: فقد كان التعافي الأخير في معنويات المخاطرة مصحوباً بضعف الدولار، وليس قوته، كما حدث في فترات سابقة من الأداء القوي للأسهم الأميركية. وقد أضاف هذا التحول زخماً إلى تجارة “الهبوط الناعم وضعف الدولار”.
وتساهم عدة عوامل في هذا السيناريو. وتشكل التخفيضات المحتملة لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي محركاً مهماً، حيث يمكنه تعديل أسعار الفائدة الحقيقية بسرعة أكبر من البنوك المركزية الأخرى التي تواجه مخاطر سلبية تهدد النمو.
وعندما يُنظَر إلى هذه التخفيضات في أسعار الفائدة باعتبارها جزءاً من تطبيع السياسة وليس استجابة للركود، فإنها تميل إلى دعم أسواق الأسهم. وفي المقابل، فإن هذا الارتفاع في أسعار الأسهم، إلى جانب تحسن توقعات النمو العالمي ومعنويات المخاطرة الإيجابية، يفرض عادة ضغوطاً هبوطية على الدولار.
ويشير جولدمان ساكس أيضًا إلى أن علاقة الدولار بالنمو في الولايات المتحدة هي أكثر نسبية من كونها مطلقة.
لا يقوى الدولار باستمرار عندما يكون النمو في الولايات المتحدة قوياً، ولا يضعف دائماً أثناء فترات النمو الضعيف. بل إن أداء الدولار يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكيفية مقارنة النمو في الولايات المتحدة بالنمو في الاقتصادات الكبرى الأخرى.
على سبيل المثال، عندما يكون النمو في الولايات المتحدة سلبيا في حين يشهد بقية العالم نموا إيجابيا، يميل الدولار إلى الضعف. وتؤكد هذه العلاقة على أهمية مراعاة الظروف الاقتصادية العالمية عند تقييم مسار الدولار في الاستجابة للبيانات الاقتصادية الأميركية.
وقال المحللون “خاصة الآن، نحذر من أن حساسية الدولار بشكل عام تجاه الأداء النسبي للأسهم لا تقل عن حساسية الدولار تجاه المعدلات النسبية هذا العام”. فعندما تقود الأسهم الأميركية أداء الأسهم العالمية المتفوق، يميل الدولار إلى التعزيز.
ومع ذلك، في البيئة الحالية، حيث من المتوقع أن يخفف بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية بينما تظل الأسهم الأميركية قوية، فإن هذه الديناميكية قد تحد من مدى تراجع الدولار.
إن التقييم الحالي للدولار هو في جزء منه انعكاس للعوائد العالية التي توفرها الأصول الأميركية على مدى فترة زمنية ممتدة.
وقد أدى هذا إلى جذب استثمارات أجنبية كبيرة، حيث تم تخصيص ما يقرب من 30% من الأصول العابرة للحدود للولايات المتحدة. وقد دعم هذا الطلب التقييم المرتفع للدولار، مما جعله أقل عرضة للانخفاض السريع في قيمته.
ومع ذلك، ومع اقتراب الولايات المتحدة من هبوط ناعم محتمل، فإن الجمع بين تخفيف السياسة النقدية وأسواق الأسهم القوية قد يخلق الظروف لإضعاف الدولار تدريجيا.
ويحذر محللون في جولدمان ساكس من أنه في حين قد يواجه الدولار ضغوطا هبوطية، فإن هذه العملية من المرجح أن تكون تدريجية، حيث يوفر التقييم المرتفع للدولار حماية ضد الانخفاضات السريعة.