منح الملك كارل السادس عشر غوستاف ملك السويد، يوم الأربعاء، العالم السعودي الأميركي عمر ياغي جائزة نوبل في الكيمياء عن تطويره الرائد لإطارات المعادن العضوية (MOF)، وهي مادة واعدة لها تطبيقات متعددة في معالجة تغير المناخ وتوفير المياه النظيفة. شارك ياغي الجائزة، التي تبلغ قيمتها 1.2 مليون دولار أمريكي، مع العالمَين ريتشارد روبسون وسوسومو كيتاغاوا، تقديرًا لجهودهم المشتركة في هذا المجال على مدى خمسين عامًا. هذا الإنجاز يمثل علامة فارقة في مسيرة البحث العلمي في المنطقة العربية.
يأتي هذا التكريم بعد سنوات من البحث والتطوير، حيث أسهم العلماء الثلاثة في إرساء أسس هذه التكنولوجيا الجديدة. تعتبر إطارات المعادن العضوية هياكل مسامية ذات مساحة سطحية هائلة، مما يجعلها مثالية لتطبيقات مثل امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، وتنقية المياه، وتحفيز التفاعلات الكيميائية. تعتبر هذه التكنولوجيا من أهم الحلول المقترحة لمواجهة التحديات البيئية العالمية.
من هو عمر ياغي؟
عمر ياغي، البالغ من العمر 60 عامًا، هو عالم كيميائي أمريكي من أصول فلسطينية، ولد في مخيم للاجئين في الأردن عام 1963. حصل على الجنسية السعودية تقديرًا لإنجازاته العلمية المتميزة، وهو يشغل حاليًا منصب مدير معهد بيركلي العالمي للعلوم، بالإضافة إلى كرسيه في الكيمياء بجامعة كاليفورنيا، بيركلي. يعتبر ياغي ثاني فائز من مواليد العرب بجائزة نوبل في الكيمياء، بعد العالم المصري الأمريكي أحمد زويل الذي حصل عليها عام 1999.
مسيرة علمية حافلة
حصل ياغي على العديد من الجوائز والتقديرات خلال مسيرته المهنية، بما في ذلك جائزة الملك فيصل الدولية للكيمياء عام 2015. كما قام بتأسيس عدة شركات ناشئة، مثل أتوكو، التي تركز على تطوير تقنيات جمع المياه من الهواء واحتجاز الكربون. تأتي هذه الشركات في إطار جهوده لتحويل الأبحاث العلمية إلى تطبيقات عملية تخدم المجتمع.
الابتكار في مجال المياه
يركز عمل ياغي بشكل خاص على تطوير تقنيات جمع المياه من الهواء في المناطق الجافة، مستلهمًا من تجربته الشخصية في الأردن، حيث كان الحصول على المياه يمثل تحديًا كبيرًا. بدأ التجارب الميدانية في صحراء أريزونا في التسعينيات باستخدام نموذج MOF-303 الذي طوره خصيصًا لالتقاط المياه من الهواء. تعتبر هذه التقنية واعدة بشكل خاص في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، حيث يمكن أن توفر مصدرًا مستدامًا للمياه النظيفة.
تطبيقات إطارات المعادن العضوية
إلى جانب جمع المياه، يمكن استخدام إطارات المعادن العضوية في مجموعة واسعة من التطبيقات الأخرى، بما في ذلك تخزين الغازات السامة، واحتجاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتحفيز التفاعلات الكيميائية. تعتبر هذه المادة متعددة الاستخدامات، ويمكن تصميمها لتلبية احتياجات محددة في مختلف المجالات الصناعية والبيئية. الكيمياء العضوية الفلزية هي أساس هذه التكنولوجيا.
أول سعودي يحصل على جائزة نوبل في الكيمياء
يمثل فوز عمر ياغي بجائزة نوبل في الكيمياء إنجازًا تاريخيًا للمملكة العربية السعودية، حيث يصبح أول مواطن سعودي يحصل على هذه الجائزة المرموقة. يعكس هذا الإنجاز الدعم الكبير الذي تقدمه المملكة للبحث العلمي والابتكار، وجهودها لتعزيز مكانتها كمركز عالمي للعلوم والتكنولوجيا. كما يمثل مصدر إلهام للشباب العربي، ويشجعهم على التفوق في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
من المتوقع أن يشارك ياغي وروبسون وكيتاغاوا في فعاليات أسبوع نوبل في ستوكهولم، حيث سيتم تكريمهم رسميًا في حفل توزيع الجوائز في ديسمبر القادم. سيتم أيضًا عرض أعمالهم العلمية في متحف نوبل، مما يتيح للجمهور فرصة التعرف على هذه التكنولوجيا الواعدة وتطبيقاتها المحتملة. من المرجح أن يشهد مجال إطارات المعادن العضوية مزيدًا من التطور والبحث في السنوات القادمة، مع التركيز على تطوير تطبيقات جديدة وتحسين كفاءة التقنيات الحالية. ستراقب الأوساط العلمية عن كثب التقدم المحرز في هذا المجال، وتأثيره على معالجة التحديات البيئية العالمية.
