أعلنت شركة ليوناردو الإيطالية، المتخصصة في الصناعات الدفاعية والأمنية، عن خططها لتحويل مكتبها في الإمارات العربية المتحدة إلى كيان صناعي متكامل باسم “ليوناردو الإمارات” بحلول مطلع العام المقبل. يمثل هذا التحول خطوة استراتيجية نحو تعزيز التصنيع المحلي، ونقل التكنولوجيا، وتوسيع الشراكات مع الشركات الإماراتية، مما يدعم طموحات الدولة لتصبح مركزًا إقليميًا رئيسيًا في مجال الصناعات الدفاعية. وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي الإمارات لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط.

ليوناردو الإمارات: استثمار في التصنيع الدفاعي المحلي

يأتي إعلان ليوناردو في سياق التزام متزايد من الشركات العالمية بتوطين عملياتها في الإمارات، مدفوعةً ببرامج حكومية مثل برنامج “التوازن الاقتصادي” الذي يهدف إلى تحفيز الاستثمار في الصناعات الدفاعية المحلية. ويهدف هذا البرنامج إلى خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز القدرات التكنولوجية، وتطوير سلاسل الإمداد المحلية. وتعتبر ليوناردو من بين الشركات الرائدة التي تستجيب لهذه المبادرة.

شراكات استراتيجية تدعم النمو

تعتبر الشراكة الأخيرة بين ليوناردو ومجموعة EDGE، وهي شركة إماراتية متخصصة في التكنولوجيا المتقدمة والدفاع، مثالًا بارزًا على هذا التعاون. تركز هذه الشراكة على تطوير حلول مشتركة في مجالات الأنظمة الدفاعية الإلكترونية، ومنصات القيادة والسيطرة، مما يعزز القدرات الدفاعية لكلا الطرفين. وتشير التقارير إلى أن هذه الشراكة ستساهم في تطوير تقنيات جديدة ومبتكرة.

حضور تاريخي وتوسع مستمر

أكد كارلو غوالداروني، المدير العام المشارك للأعمال في ليوناردو، أن الشركة تتمتع بحضور قوي في الإمارات منذ سنوات عديدة. ينقسم هذا الحضور إلى قطاعين رئيسيين: قطاع الإلكترونيات الذي يوفر أنظمة إدارة القتال البرية والبحرية والرادار، وقطاع الطائرات المروحية الذي يسيطر على نحو 95% من سوق المروحيات المدنية والحكومية في الإمارات. هذا الحضور القوي مهد الطريق للانتقال نحو التصنيع المحلي.

وأضاف غوالداروني أن الهدف من “ليوناردو الإمارات” هو إنتاج منتجات ليوناردو داخل الدولة وتصديرها إلى الأسواق العالمية، مما يعزز مكانة الإمارات كمركز تصدير للصناعات الدفاعية. وهذا يتماشى مع رؤية الإمارات 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز القدرة التنافسية العالمية.

الاستثمار في رأس المال البشري

لا يقتصر التحول الجديد على إنشاء شركة تصنيع فحسب، بل يشمل أيضًا استثمارات كبيرة في تطوير الكفاءات المحلية. تخطط ليوناردو لتقديم برامج تدريبية متخصصة في مجالات الهندسة، والتصنيع الدقيق، وبرمجيات الأنظمة الدفاعية، بهدف تأهيل الكوادر الإماراتية لتولي مسؤوليات أكبر في عمليات الشركة. ويشمل ذلك نقل المعرفة من الخبراء الإيطاليين إلى الفرق المحلية، وتمكين الشركات الإماراتية من المشاركة في مراحل التصميم والاختبار والإنتاج.

يعتبر تطوير الموارد البشرية أمرًا بالغ الأهمية لضمان استدامة عمليات ليوناردو في الإمارات، ولتحقيق أهداف التوطين التي تتبناها الدولة. وتشير التقديرات إلى أن هذا الاستثمار سيخلق مئات الوظائف الجديدة للكوادر الإماراتية.

مواءمة مع توجهات الدولة

يتماشى إعلان ليوناردو مع الجهود الوطنية لتعزيز المحتوى المحلي في الصناعات الدفاعية، والتي تشمل دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الابتكار، وتطوير سلاسل الإمداد المحلية. وتعتبر الشراكة مع مجموعة EDGE وجامعة خليفة وغيرها من الشركات المحلية دليلًا على هذا الالتزام. وتسعى هذه الشراكات إلى تطوير حلول دفاعية متقدمة تعتمد على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وأنظمة الاستشعار المتطورة.

من المتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز مكانة الإمارات كوجهة عالمية للاستثمار في الصناعات الدفاعية، وجذب المزيد من الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال. كما ستساهم في تطوير قطاع الصناعات الدفاعية المحلي، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.

في الختام، يمثل تأسيس “ليوناردو الإمارات” خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الصناعي بين الإمارات وليوناردو. من المقرر أن تبدأ الشركة عملياتها الجديدة في مطلع العام المقبل، مع التركيز على التصنيع المحلي، ونقل التكنولوجيا، وتطوير الكفاءات الإماراتية. يبقى من المبكر تحديد التأثير الكامل لهذه الخطوة، ولكن من الواضح أنها تمثل فرصة كبيرة لتعزيز مكانة الإمارات كمركز إقليمي وعالمي للصناعات الدفاعية المتقدمة.

شاركها.