تواجه مجموعة لوفتهانزا للطيران تحديات كبيرة في إقناع المستثمرين بقدرتها على تنفيذ خطة إعادة الهيكلة الطموحة التي أعلنت عنها، والتي تهدف إلى تحسين الأداء المالي والتشغيلي بحلول عام 2026. وعلى الرغم من بعض التحسن الأخير في أسهم الشركة، إلا أن أداءها لا يزال متخلفًا عن منافسيها الأوروبيين، مما يثير تساؤلات حول مستقبل لوفتهانزا وقدرتها على استعادة مكانتها في السوق.

منذ تولي كارستن شبور منصب الرئيس التنفيذي في عام 2014، شهدت أسهم المجموعة انخفاضًا ملحوظًا، حيث تراجعت بنحو الثلث. وعلى الرغم من الارتفاع الذي سجلته في عام 2017، إلا أن جائحة كوفيد-19 ألحقت بها أضرارًا بالغة، مما أدى إلى صعوبة استعادة الزخم المطلوب.

تحديات تواجه خطة إعادة هيكلة لوفتهانزا

تعتمد خطة إعادة الهيكلة على عدة محاور رئيسية، بما في ذلك خفض التكاليف وتبسيط الهيكل التنظيمي. ومع ذلك، يواجه تنفيذ هذه الخطة عقبات متعددة، أبرزها الضغوط المتزايدة على التكاليف والنزاعات العمالية المستمرة.

تراجع الأداء المالي

أظهرت البيانات المالية للشركة تراجعًا في هامش التشغيل، حيث انخفض إلى 4.4% في العام الماضي مقارنة بـ 7.6% في عام 2023. ويتوقع المحللون أن يصل هامش التشغيل إلى 4.8% في عام 2025، وهو مستوى يعتبر منخفضًا مقارنة بمنافسي لوفتهانزا في أوروبا.

النزاعات العمالية

تعد النزاعات العمالية المتكررة مصدر قلق كبير للمستثمرين، حيث تهدد بتقويض جهود الشركة لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف. وتطالب النقابات العمالية بتحسين الأجور وظروف العمل، وهو ما يمثل تحديًا إضافيًا للإدارة.

تبسيط الهيكل التشغيلي لـ لوفتهانزا

تسعى لوفتهانزا إلى تبسيط هيكلها المعقد الذي يضم ستة مراكز تشغيل وتسع علامات تجارية مختلفة لنقل الركاب، بما في ذلك إيتا إيروايز ويورووينغز. يهدف هذا التبسيط إلى تحسين التنسيق وزيادة الكفاءة وتقليل التكاليف الإدارية.

وتشمل خطط التبسيط خفض 4 آلاف وظيفة إدارية على مدى خمس سنوات، وإخراج الطائرات القديمة من الخدمة. وتأمل الشركة أن تساهم هذه الإجراءات في رفع هامش التشغيل إلى ما بين 8% و 10% خلال الفترة من 2028 إلى 2030.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه لوفتهانزا تحديات خارجية تؤثر على خططها. فقد شهد الطلب على السفر عبر الأطلسي تراجعًا ملحوظًا، كما أن اضطرابات سلاسل الإمداد المتعلقة بطائرات بوينغ قد تؤخر تنفيذ بعض المشاريع.

تؤثر أيضًا مفاوضات النقابات الصعبة على قدرة الشركة على تحقيق أهدافها. وتعتبر هذه المفاوضات حاسمة لتحديد مستقبل علاقات العمل في الشركة وتأثيرها على الأداء المالي.

تعتبر المنافسة في قطاع الطيران الأوروبي شديدة، حيث تتصدر شركات مثل الخطوط الجوية الدولية (البريطانية) وإير فرانس-كيه إل إم قائمة الشركات الأفضل أداءً. وقد شهدت أسهم هذه الشركات ارتفاعًا أكبر من لوفتهانزا في الأشهر الستة الماضية، مما يعكس ثقة المستثمرين في قدرتها على التكيف مع التحديات الحالية.

تعتبر جودة الخدمة والاعتمادية من العوامل الرئيسية التي يبحث عنها المسافرون. وتسعى لوفتهانزا إلى تحسين هذه الجوانب من خلال الاستثمار في التكنولوجيا وتدريب الموظفين وتحديث أسطول الطائرات.

تعتبر الاستدامة البيئية من القضايا المتزايدة الأهمية في قطاع الطيران. وتلتزم لوفتهانزا بخفض انبعاثات الكربون وتحسين كفاءة استهلاك الوقود، من خلال استخدام تقنيات جديدة وتطوير أساليب تشغيل أكثر صداقة للبيئة.

تعتبر أسعار الوقود من العوامل الرئيسية التي تؤثر على تكاليف التشغيل في شركات الطيران. وتراقب لوفتهانزا عن كثب تطورات أسعار الوقود وتتخذ الإجراءات اللازمة للحد من تأثيرها على الأرباح.

في الختام، لا تزال خطة إعادة الهيكلة التي تتبناها لوفتهانزا قيد التنفيذ وتواجه تحديات كبيرة. من المتوقع أن تشهد الشركة مزيدًا من الضغوط في الأشهر المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالنزاعات العمالية وتطورات الطلب على السفر. سيكون من المهم مراقبة أداء الشركة عن كثب وتقييم مدى قدرتها على التغلب على هذه التحديات وتحقيق أهدافها الطموحة بحلول عام 2026.

شاركها.