اختتمت قمة مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا يوم الأحد، وسط تأكيدات قادة العالم على أهمية التعددية في مواجهة التحديات العالمية المتزايدة. وركزت المناقشات على كيفية الحفاظ على دور المجموعة في عالم يشهد تحولات جيوسياسية واقتصادية عميقة، ويصعد فيه التنافس بين القوى الكبرى. وقد كانت هذه القمة بمثابة اختبار لقدرة المجموعة على التكيف مع نظام عالمي جديد يظهر فيه اتجاه نحو الانقسام، في ظل غياب الوفد الأمريكي. وتعتبر **مجموعة العشرين** من أهم المحافل الدولية للتنسيق الاقتصادي والمالي.

أهمية مجموعة العشرين في عالم متغير

أشار رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إلى أن العديد من الدول تتجه نحو تشكيل كتل جيوسياسية وتفضيلات تجارية إقليمية، واصفًا المرحلة الراهنة بأنها “قطيعة” وليست مجرد “انتقال”. وقد عقدت القمة في وقت حاسم، مع تصاعد الدعوات لإيجاد حلول عاجلة للقضايا الملحة مثل التغير المناخي وعدم المساواة، وفقًا لما صرح به الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا.

هذه القمة تميزت بأنها الأولى من نوعها التي تستضيفها دولة إفريقية، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالقارة الإفريقية ودورها المتنامي في الاقتصاد العالمي. وقد شارك فيها قادة من أهم الاقتصادات العالمية، بما في ذلك الصين والهند والبرازيل وأستراليا وتركيا، بالإضافة إلى الدول الأوروبية.

الغياب الأمريكي وتأثيره

تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قاطعت القمة، معبرة عن اختلافها مع أولويات جنوب إفريقيا، مثل التعاون في قضايا التجارة والمناخ. وقد أعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن أسفه لقرار الولايات المتحدة، معتبرًا أنه يعود في النهاية للحكومة الأمريكية، لكنه أشار إلى أن العالم يشهد حالياً إعادة تنظيم وتحالفات جديدة.

أثار الغياب الأمريكي تساؤلات حول مستقبل **مجموعة العشرين** وتأثير ذلك على قدرتها على معالجة التحديات العالمية بفعالية. ومع ذلك، أكد المشاركون على ضرورة الاستمرار في العمل متعدد الأطراف، مشددين على أن أهدافهم المشتركة تفوق خلافاتهم.

التركيز على الاقتصادات الناشئة والجنوب العالمي

شدد قادة دول مثل البرازيل وجنوب إفريقيا على أهمية دور الاقتصادات الناشئة والجنوب العالمي داخل المجموعة. فقد أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أن هذه الاقتصادات باتت أكثر أهمية، وأن أي محاولة لإضعاف التعددية ستفشل في ظل القوة المتزايدة لهذه الدول. وأضاف أن التنسيق بين هذه الدول ضروري للتعامل مع المشاكل العالمية.

يضاف إلى ذلك، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حذر من أن **مجموعة العشرين** قد تكون وصلت إلى نهاية مرحلة، بسبب صعوبة التوصل إلى مواقف موحدة بشأن القضايا الدولية المعقدة.واقترح التركيز على القضايا الاقتصادية الاستراتيجية فقط. ويعد ذلك تحولا ملحوظا في المنهجية التي تتبناها المجموعة.

تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي

تأسست مجموعة العشرين في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية عام 1997-1998 بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي العالمي. ومنذ ذلك الحين، لعبت المجموعة دورًا مهمًا في تنسيق السياسات الاقتصادية والمالية بين الدول الأعضاء، والتعامل مع الأزمات المالية العالمية. وتعتبر هذه الأهداف من الأهداف الرئيسية التي تسعى المجموعة لتحقيقها.

بالإضافة إلى ذلك، ناقشت القمة قضايا أخرى ذات أهمية عالمية، مثل التغير المناخي، والأمن الغذائي، والصحة العالمية. وحث القادة على زيادة التعاون في هذه المجالات، لإيجاد حلول مستدامة للتحديات التي تواجهها البشرية. وقد تم إطلاق مبادرات جديدة، والالتزام بزيادة التمويل لهذه القضايا، وفقاً للبيانات الصادرة عن القمة.

في الختام، تظل مستقبل **مجموعة العشرين** غير واضحًا، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة وعدم اليقين الاقتصادي العالمي. ومن المقرر أن تستضيف الولايات المتحدة القمة المقبلة في ولاية فلوريدا العام القادم، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت ستعود الولايات المتحدة إلى الالتزام الكامل بالعمل متعدد الأطراف، أو ستتبنى نهجًا أكثر انعزالية. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا الصدد، لتقييم دور المجموعة في تشكيل النظام العالمي المستقبلي، ومستقبل التعاون الدولي في مواجهة التحديات المشتركة. وتعتبر القضية الفلسطينية من القضايا الملحّة التي تتطلب حلولًا جذرية، وتأكيدًا على الدعم لحقوق الشعب الفلسطيني.

شاركها.