خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لـتصنيف المجر الائتماني إلى “سلبي”، مما يعكس مخاوف متزايدة بشأن الاستدامة المالية للبلاد. جاء هذا القرار بعد تقييم دقيق للوضع الاقتصادي الحالي، مع التركيز على الإنفاق الحكومي المتزايد قبل الانتخابات الوطنية المتوقعة في عام 2026، والتأخير المستمر في الحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي. هذا التطور يثير تساؤلات حول قدرة المجر على إدارة ديونها وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

الخطوة التي اتخذتها فيتش، والتي جاءت بعد تعديل مماثل من قبل وكالة إس آند بي العالمية في أبريل الماضي، تؤكد التحديات الاقتصادية التي تواجهها المجر. وتشير إلى أن المخاطر المالية قد تتفاقم في المستقبل القريب، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية العالمية غير المستقرة. القرار يؤثر على تصور المستثمرين للمخاطر المرتبطة بالاستثمار في المجر.

تأثير خفض النظرة على الاقتصاد المجري

يعكس خفض النظرة المستقبلية إلى “سلبي” قلق الوكالة بشأن المسار المالي العام للمجر. وتتوقع فيتش أن الإنفاق الحكومي المتزايد قبيل الانتخابات سيؤدي إلى زيادة العجز في الميزانية وتراكم الديون. هذا يعقد بشكل خاص آفاق أي تعافٍ اقتصادي محتمل بعد الانتخابات، حيث من المرجح أن تكون هناك قيود على إجراءات التحفيز الإضافية.

على الرغم من ذلك، أكدت فيتش تصنيف المجر الائتماني عند “BBB”، وهو مستوى يعتبر قابلاً للاستثمار. وقد اعتبرت وزارة الاقتصاد المجرية هذا التأكيد إيجابياً، خاصةً في ظل انخفاض التصنيفات الائتمانية للعديد من الدول الأوروبية الأخرى في العام الماضي. ومع ذلك، فقد شددت الوزارة على ضرورة اتخاذ إجراءات لمعالجة المخاوف التي أثارتها فيتش.

المشاكل الأساسية والإنفاق الحكومي

واجه رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، صعوبات في تحقيق نمو اقتصادي قوي منذ توليه السلطة في عام 2010. وجاءت جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا ليزيدان من هذه التحديات، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الضغط على المالية العامة. هذا الوضع الاقتصادي الصعب أجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات تخفيفية واسعة النطاق.

وتقدر تكلفة هذه الإجراءات التخفيفية بنحو 2.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، وفقاً لتقرير فيتش. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن ترتفع نسبة ديون المجر إلى 74.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، وهو مستوى أعلى من المتوسط بين الدول ذات التصنيف الائتماني المماثل. تعتبر هذه الزيادة في الديون مصدر قلق رئيسي لوكالة فيتش.

التمويل الأوروبي وأهداف الحكومة

لا يزال عدم إحراز تقدم في الحصول على مليارات اليورو من تمويل الاتحاد الأوروبي يمثل عائقاً كبيراً أمام الاقتصاد المجري. هذا التمويل كان من الممكن أن يساعد في تحفيز النمو الاقتصادي وتقليل الضغط على المالية العامة. تأخر صرف هذه الأموال بسبب مخاوف بشأن سيادة القانون والفساد في المجر، وهي قضايا أثارتها بروكسل مراراً وتكراراً. (الاستثمار الأجنبي)

كما انتقدت فيتش التغييرات المتكررة في أهداف الحكومة، مشيرة إلى أنها أضعفت القدرة على التنبؤ بالسياسات وزادت من المخاطر المالية. وتوقعت الوكالة أن يبلغ عجز الميزانية 5.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، متجاوزة هدف الحكومة البالغ 5٪. وتشير التوقعات إلى أن الاعتبارات السياسية قد تحد من قدرة الحكومة على زيادة الإيرادات أو خفض الإنفاق على البرامج الاجتماعية بعد الانتخابات.

سيناريوهات مستقبلية لتصنيف المجر الائتماني

ذكرت فيتش أن خفض التصنيف الائتماني قد يحدث في حال لم يتمكن الاقتصاد المجري من إيجاد استراتيجية موثوقة لتقليل العجز في الميزانية والدين العام. كما أن استمرار ضعف النمو الاقتصادي بسبب انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر قد يؤدي أيضاً إلى اتخاذ إجراءات سلبية. (النمو الاقتصادي)

على الجانب الآخر، يمكن أن يؤدي تسريع جهود توحيد المالية العامة، وتنفيذ إصلاحات لتعزيز النمو الاقتصادي على المدى المتوسط، إلى تحسين التصنيف الائتماني للمجر. هذا يتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات جريئة لمعالجة المشاكل الأساسية التي تواجهها البلاد. (المالية العامة)

وفي الختام، يبقى مستقبل التصنيف الائتماني للمجر غير مؤكدًا ويتوقف على مدى قدرة الحكومة على تطبيق سياسات مالية واقتصادية فعالة. يُتوقع أن تواصل وكالات التصنيف الائتماني العالمية مراقبة الوضع في المجر عن كثب، وأن تُصدر تقييمات جديدة في الأشهر القليلة المقبلة، اعتماداً على التطورات الاقتصادية والسياسية. من الضروري مراقبة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتمويل، وكذلك أي تغييرات في السياسات الحكومية التي قد تؤثر على الاستدامة المالية للبلاد.

شاركها.