أعلنت شركة جوجل عن خطط لمد ثلاثة كابلات ألياف ضوئية بحرية في بابوا غينيا الجديدة، وذلك كجزء من اتفاقية دفاعية تاريخية بين بابوا غينيا الجديدة وأستراليا. يهدف هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته 120 مليون دولار أمريكي ومولته أستراليا، إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية للبلاد وتحسين الاتصال بالإنترنت. يعتبر هذا الاستثمار خطوة حاسمة نحو تطوير بنية تحتية للإنترنت أكثر مرونة وموثوقية في المنطقة.
يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه منطقة المحيط الهادئ اهتمامًا متزايدًا بالاستثمارات في مجال الاتصالات الرقمية. ووفقًا لبيان صادر عن حكومة بابوا غينيا الجديدة، فإن المشروع سيغطي المناطق الشمالية والجنوبية من البلاد، بالإضافة إلى إقليم بوغانفيل المتمتع بالحكم الذاتي. ومن المتوقع أن يبدأ العمل في المشروع خلال الأشهر القادمة.
دعم حكومي وطموح إقليمي لـ بنية تحتية للإنترنت
أكد وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في بابوا غينيا الجديدة، بيتر تسياماليلي جونيور، أن هذا الاستثمار يمثل تقدمًا كبيرًا للبلاد. وأضاف أن الكابلات الجديدة ستضع الأساس لتحول بابوا غينيا الجديدة إلى مركز رقمي إقليمي، مما يعزز النمو الاقتصادي ويفتح فرصًا جديدة في مجالات التعليم والتجارة.
عقد الوزير تسياماليلي اجتماعات هذا الأسبوع مع مسؤولين أستراليين وأمريكيين في مكتب جوجل بسيدني لمناقشة تفاصيل المشروع ودور الشركة في تنفيذه. وتشير التقارير إلى أن جوجل ستكون شريكًا رئيسيًا في عملية مد الكابلات البحرية.
تطور دور شركات التكنولوجيا في البنية التحتية
تقليديًا، كانت شركات الاتصالات الكبرى هي المسؤولة عن مد وتشغيل الكابلات البحرية. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا، حيث أصبحت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل جوجل تلعب دورًا متزايد الأهمية في هذا المجال. يعزى هذا التحول إلى الزيادة الهائلة في حجم البيانات المتدفقة عبر الإنترنت والحاجة إلى بنية تحتية قادرة على استيعاب هذا النمو.
يوجد حاليًا ما يقرب من 1.4 مليون كيلومتر من كابلات الألياف الضوئية تمتد عبر قاع المحيطات، وهي ضرورية لتقديم خدمات أساسية مثل التجارة والخدمات المالية والخدمات العامة على مستوى العالم. وتعتبر هذه الكابلات شريان الحياة للإنترنت الحديث.
الفوائد الاقتصادية والتعليمية المتوقعة
أفادت وزارة الشؤون الخارجية والتجارة الأسترالية أن الكابلات الجديدة ستساهم في خفض أسعار الإنترنت في بابوا غينيا الجديدة، مما يجعل الوصول إلى المعلومات والخدمات الرقمية أكثر سهولة وبأسعار معقولة. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يعزز المشروع النمو الاقتصادي ويوسع فرص التعليم للشباب.
ويرتبط هذا المشروع بمعاهدة دفاعية متبادلة أوسع وقعتها بابوا غينيا الجديدة وأستراليا هذا العام، والمعروفة باسم معاهدة بوكبوك. تُلزم هذه المعاهدة البلدين بالدفاع عن بعضهما البعض في حالة تعرضهما لهجوم مسلح، وتعكس المخاوف المتزايدة بشأن الأمن الإقليمي.
وتنص المعاهدة أيضًا على أن أي أنشطة أو اتفاقيات مع أطراف ثالثة يجب ألا تقوض قدرة أي من الطرفين على تنفيذ المعاهدة، وهو ما يفسره البعض على أنه إشارة إلى تنامي نفوذ الصين في منطقة المحيط الهادئ. الاتصال الرقمي الآمن والموثوق به يعتبر جزءًا أساسيًا من الأمن القومي.
الاعتبارات الجيوسياسية
بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية والتعليمية، يحمل هذا المشروع أيضًا أبعادًا جيوسياسية مهمة. تسعى أستراليا إلى تعزيز علاقاتها مع دول المحيط الهادئ، في ظل التنافس المتزايد مع الصين على النفوذ في المنطقة. ويعتبر الاستثمار في شبكات الاتصالات في بابوا غينيا الجديدة جزءًا من هذه الاستراتيجية.
ومع ذلك، يجب مراعاة التحديات المحتملة التي قد تواجه المشروع، مثل الظروف الجوية القاسية وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق النائية. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك حاجة إلى تنسيق وثيق بين مختلف الجهات المعنية لضمان نجاح المشروع.
من المتوقع أن تبدأ جوجل وأستراليا في إجراء دراسات الجدوى التفصيلية للمشروع في الأشهر القليلة القادمة، وتحديد مسارات الكابلات ومواقع الهبوط. وسيتم الإعلان عن الجدول الزمني النهائي للمشروع في وقت لاحق من هذا العام. يبقى من المبكر تحديد ما إذا كان المشروع سينجح في تحقيق أهدافه الطموحة، ولكن من المؤكد أنه يمثل خطوة مهمة نحو تطوير البنية التحتية الرقمية في بابوا غينيا الجديدة وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي.
