أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا مساء السبت يهدف إلى التحقيق في ممارسات الاحتكار المحتملة وارتفاع الأسعار في قطاع سلاسل الإمداد الغذائي. يمثل هذا الإجراء أكبر مبادرة رقابية في هذا المجال منذ سنوات، حيث تم تشكيل فرق تحقيق خاصة داخل وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية. وتسعى الإدارة الأمريكية من خلال هذه المبادرة إلى حماية الأمن الغذائي وتقليل التكاليف على المستهلك الأمريكي في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وجاء في بيان للبيت الأبيض أن الأمر التنفيذي يستهدف تحديد ومعالجة أي تلاعب بالأسعار أو ممارسات غير تنافسية، مع التركيز بشكل خاص على الشركات التي تخضع لسيطرة أجنبية. ويأتي هذا في وقت يعاني فيه الأمريكيون من زيادة ملحوظة في أسعار اللحوم والحبوب والبذور والأسمدة، مما أثار قلقًا متزايدًا بشأن القدرة على تحمل تكاليف المعيشة.
مكافحة الاحتكار في سلاسل الغذاء: استجابة لارتفاع الأسعار
أكد الرئيس ترامب في نص الأمر التنفيذي على أن إدارته ستعمل على تقييم ما إذا كانت السلوكيات غير التنافسية، وخاصة تلك التي تنتهجها الشركات الأجنبية، تساهم في ارتفاع تكاليف المعيشة وتشكل تهديدًا للأمن القومي فيما يتعلق بإمدادات الغذاء. هذا الأمر يعكس تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية على الإدارة لمعالجة قضية التضخم الغذائي.
وبموجب هذا القرار، مُنح المدعي العام ورئيس لجنة التجارة الفيدرالية سلطات واسعة لإجراء التحقيقات وتشكيل “فرق أمن سلاسل الغذاء”. تتضمن هذه السلطات القدرة على رفع دعاوى قضائية وفرض غرامات وإصدار لوائح جديدة إذا لزم الأمر. وسيكون لهذه الفرق صلاحية الوصول إلى هيئة المحلفين الكبرى (Grand Jury) في حال الاشتباه في وجود ممارسات جنائية.
مهام فرق التحقيق الجديدة
تتمثل المهام الرئيسية لفرق التحقيق، وفقًا للأمر التنفيذي، في:
– إجراء تحقيق شامل في جميع الصناعات الغذائية داخل الولايات المتحدة، بما في ذلك اللحوم والبذور والأسمدة والمعدات الزراعية.
– تحديد ما إذا كانت السيطرة الأجنبية على الشركات الغذائية تزيد من تكاليف الغذاء أو تشكل مخاطر على الأمن القومي.
– اقتراح أدوات تنظيمية جديدة لمعالجة أي ممارسات احتكارية يتم اكتشافها.
– تقديم تقارير مفصلة إلى الكونغرس خلال 180 يومًا، ثم تقارير إضافية خلال 365 يومًا، توضح نتائج التحقيقات والتوصيات.
ويشير الأمر التنفيذي أيضًا إلى حظر الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بالتحقيقات الجارية أو الإجراءات المتخذة، مما يثير تساؤلات حول الشفافية المحتملة للعملية.
يعتبر هذا القرار بمثابة تأسيس لهيكل رقابي جديد من المتوقع أن يؤثر بشكل كبير على قطاع السلع الغذائية الأمريكي خلال العام المقبل. يأتي هذا في ظل تزايد التدقيق السياسي في أسعار المواد الغذائية ودور الشركات الزراعية الكبرى. الاحتكار والأمن الغذائي هما جوهر هذه المبادرة.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية يمثل تحديًا اقتصاديًا رئيسيًا، ويثير مخاوف بشأن تأثيره على الأسر ذات الدخل المحدود.
تشير التقارير إلى أن تركز القوة السوقية في أيدي عدد قليل من الشركات العملاقة في قطاعات مثل اللحوم والدواجن والحبوب هو أحد العوامل المساهمة في هذا الارتفاع. بالإضافة إلى ذلك، يثير توسع ملكية الشركات الأجنبية في الاستثمارات الغذائية الاستراتيجية بعض القلق في واشنطن.
يرى خبراء اقتصاديون أن هذه الخطوة تعكس تحولًا في السياسة الحكومية نحو معالجة القضايا المتعلقة بالمنافسة والسعر. كما تتوافق مع تركيز الإدارة على تعزيز “أمن سلاسل الإمداد”، والذي أصبح محورًا رئيسيًا في السياسات الاقتصادية للولايات المتحدة.
مع ذلك، يلوح في الأفق احتمال حدوث توترات تجارية نتيجة للتشدد المتوقع في الرقابة على الشركات الأجنبية، خاصة وأن بعض أكبر منتجي اللحوم والحبوب والأسمدة في الولايات المتحدة مملوكون جزئيًا لمستثمرين أجانب.
لكن البيت الأبيض يصر على أن الهدف ليس تقويض الاستثمار الأجنبي، بل ضمان تكافؤ الفرص وحماية الأمن القومي في مجال الغذاء. وستختبر هذه الآلية الجديدة العلاقة بين الإدارة والقطاع الصناعي الضخم الذي يتجاوز حجمه تريليونات الدولارات سنويًا.
من المتوقع أن تعلن وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية عن تفاصيل خطط التحقيق الخاصة بهما في الأسابيع القادمة. ستشمل هذه الخطط تحديد نطاق التحقيق والجدول الزمني المحتمل وتخصيص الموارد اللازمة. وستراقب الأوساط التجارية والمستهلكون عن كثب تطورات هذه القضية لتقييم تأثيرها المحتمل على أسعار المواد الغذائية وتوفرها.
