يشهد العالم، بما في ذلك بعض الدول العربية، قلقاً متزايداً بشأن انتشار مادة الفنتانيل، وهو مسكن أفيوني قوي للغاية. هذه المادة، التي غالباً ما توصف بأنها أخطر من الهيروين، تسببت في ارتفاع حاد في حالات الجرعات الزائدة والوفيات في الولايات المتحدة، وبدأت تظهر آثارها في مناطق أخرى. وتثير المخاوف من أن تصبح الفنتانيل تهديداً للصحة العامة والأمن على نطاق أوسع.
بدأت السلطات في العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا، في مراقبة حركة الفنتانيل بشكل مكثف في السنوات الأخيرة، خاصةً بعد ارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة به. وتشير التقارير إلى أن غالبية الوفيات الناتجة عن الجرعات الزائدة تتضمن الفنتانيل، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو مختلطاً مع مواد أخرى مثل الهيروين أو الكوكايين. وتتزايد الأدلة على أن شبكات تهريب المخدرات تقوم بخلط الفنتانيل مع مواد أخرى لزيادة الأرباح، مما يزيد من خطر الجرعات الزائدة غير المقصودة.
ما هو الفنتانيل ولماذا هو خطير؟
الفنتانيل هو مسكن أفيوني اصطناعي قوي يستخدم طبياً لعلاج الألم الشديد، خاصة بعد العمليات الجراحية أو لدى مرضى السرطان. يُعتبر الفنتانيل أقوى بكثير من المورفين، حيث يقدر أن تكون قوته من 50 إلى 100 مرة أكبر. هذا يعني أن كمية صغيرة جداً من الفنتانيل يمكن أن تكون قاتلة.
طرق التعرض للفنتانيل
يمكن أن يتعرض الأفراد للفنتانيل بعدة طرق، بما في ذلك:
- الاستنشاق: عن طريق استنشاق مسحوق الفنتانيل.
- الابتلاع: عن طريق تناول حبوب أو أقراص تحتوي على الفنتانيل.
- الحقن: عن طريق حقن الفنتانيل في الوريد.
- الامتصاص الجلدي: عن طريق ملامسة الجلد لمسحوق الفنتانيل، على الرغم من أن هذا أقل شيوعاً.
الخطر الأكبر يكمن في أن العديد من الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات قد لا يكونون على علم بأنهم يتعاطون الفنتانيل، خاصةً إذا كانت المادة مضافة إلى مواد أخرى مثل الهيروين أو الكوكايين. هذا يجعل من الصعب عليهم تقدير الجرعة المناسبة، مما يزيد من خطر الجرعات الزائدة.
انتشار الفنتانيل: أين ومتى؟
بدأ انتشار الفنتانيل كتهديد للصحة العامة في الولايات المتحدة في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، تسببت الجرعات الزائدة المتعلقة بالأفيونات، بما في ذلك الفنتانيل، في أكثر من 70,000 وفاة في الولايات المتحدة في عام 2022 وحده.
في السنوات الأخيرة، بدأت تظهر تقارير عن زيادة في مصادرة الفنتانيل في دول أخرى، بما في ذلك كندا والمكسيك وأوروبا. وتشير بعض التقارير إلى أن الفنتانيل يتم تصنيعه بشكل غير قانوني في المختبرات السرية، خاصة في المكسيك والصين، ثم يتم تهريبه إلى دول أخرى.
في المنطقة العربية، لا تزال المعلومات حول انتشار الفنتانيل محدودة. ومع ذلك، حذرت بعض الدول من خطر تهريب الفنتانيل عبر حدودها، خاصةً تلك التي تشترك في حدود مع مناطق معروفة بإنتاج المخدرات. وقامت بعض الدول بتشديد الرقابة على حركة الأدوية والمواد الكيميائية التي يمكن استخدامها في تصنيع الفنتانيل.
تأثيرات الفنتانيل على الصحة
تشمل أعراض الجرعة الزائدة من الفنتانيل صعوبة التنفس، والنعاس الشديد، وفقدان الوعي، وتضيق حدقة العين، وبطء معدل ضربات القلب. في الحالات الشديدة، يمكن أن تؤدي الجرعة الزائدة إلى توقف التنفس والموت.
بالإضافة إلى خطر الجرعات الزائدة، يمكن أن يؤدي التعاطي المزمن للفنتانيل إلى الإدمان ومشاكل صحية أخرى، مثل تلف الكبد والكلى ومشاكل القلب.
جهود مكافحة الفنتانيل
تبذل السلطات في العديد من الدول جهوداً لمكافحة انتشار الفنتانيل، بما في ذلك:
تشديد الرقابة
تشديد الرقابة على حركة الأدوية والمواد الكيميائية التي يمكن استخدامها في تصنيع الفنتانيل.
تعزيز التعاون الدولي
تعزيز التعاون الدولي لتبادل المعلومات وتنسيق الجهود لمكافحة تهريب الفنتانيل.
توفير العلاج والدعم
توفير العلاج والدعم للأشخاص الذين يعانون من إدمان الأفيونات، بما في ذلك الفنتانيل.
التوعية
زيادة الوعي بمخاطر الفنتانيل وتثقيف الجمهور حول كيفية التعرف على أعراض الجرعة الزائدة وكيفية طلب المساعدة.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل بعض الدول على تطوير أدوية مضادة للفنتانيل يمكن استخدامها لعلاج الجرعات الزائدة.
الوضع المستقبلي
من المتوقع أن يستمر خطر انتشار الفنتانيل في التزايد في السنوات القادمة. وتشير التقارير إلى أن شبكات تهريب المخدرات تستمر في تطوير طرق جديدة لتهريب الفنتانيل وتجنب الكشف.
من المقرر أن تجتمع لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة في الربع الأول من عام 2024 لتقييم الوضع العالمي للفنتانيل وتقديم توصيات بشأن كيفية مكافحة انتشاره. وستراقب الدول العربية عن كثب نتائج هذا الاجتماع لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مواطنيها. ومع ذلك، يبقى التحدي كبيراً ويتطلب جهوداً متواصلة وتعاوناً دولياً فعالاً.
