أرسل العراق مؤخرًا رسائل تطمين للأسواق والمستثمرين بشأن مستويات الديون العامة، مؤكدًا أن كل من الديون الداخلية والخارجية لا تزال ضمن الحدود الآمنة عالميًا. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الثقة في الاستقرار المالي للعراق وتجنب أي ضغوط هيكلية على الموازنة العامة للدولة. وتأتي هذه التصريحات في وقت يستعد فيه العراق لإعداد موازنة عام 2026.
أكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، أن الدين الخارجي للعراق يمثل حاليًا أقل من 4% من الناتج المحلي الإجمالي. هذه النسبة تعتبر منخفضة جدًا مقارنة بالمعايير الدولية، التي غالبًا ما تعتبر مستويات الدين الآمنة تصل إلى حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي. ويشير هذا إلى أن العراق ليس عرضة لخطر إرهاق الديون الخارجية.
الديون العامة في العراق: نظرة شاملة
وفقًا لتصريحات صالح، فإن إجمالي الدين الداخلي المتراكم خلال فترة الحكومة الحالية لا يتجاوز 34 تريليون دينار عراقي. وهذا المبلغ أقل بكثير من الحدود القصوى التي حددتها الموازنات العامة الثلاثية السابقة.
الدين الخارجي: استقرار التصنيف الائتماني
يساهم هذا الهامش المالي الواسع في الحفاظ على استقرار التصنيف الائتماني للعراق عند مستوى B+ خلال السنوات الأخيرة. ويعتبر هذا التصنيف الائتماني مهمًا لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتمويل المشاريع التنموية.
في المقابل، يوضح صالح أن التخطيط المالي للموازنات السابقة كان أكثر تحفظًا، حيث افترض اقتراضًا سنويًا أعلى بكثير مما تم تحقيقه فعليًا. وبالتالي، فإن نسبة التنفيذ الفعلي للدين الداخلي لم تتجاوز 15% من المستوى المخطط له بموجب قانون الموازنة رقم 13 لسنة 2023.
تعتبر إدارة الديون الحكومية جزءًا أساسيًا من السياسة الاقتصادية في العراق، حيث تسعى الحكومة إلى تحقيق التوازن بين تمويل المشاريع التنموية والحفاظ على الاستقرار المالي. وتشمل هذه الإدارة مراقبة مستويات الدين، وتنويع مصادر التمويل، وتحسين كفاءة الإنفاق العام.
موازنة 2026 والتحوط من تقلبات أسعار النفط
مع اقتراب موعد إعداد موازنة عام 2026، يؤكد صالح أن إجمالي الديون القائمة، بما في ذلك الديون الداخلية الموروثة والديون الخارجية، يمثل حوالي 31% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي. وهذه النسبة تظل ضمن النطاق العالمي الآمن للاستقرار المالي، ولا تشكل عبئًا كبيرًا على المالية العامة للدولة.
يرى الخبراء أن اعتماد سقوف اقتراضية في موازنة 2026 يجب ألا يثير القلق، بل يجب اعتباره جزءًا من استراتيجية إدارة المخاطر. ويأتي هذا الإجراء في ظل الاعتماد الكبير على إيرادات النفط، والتي تتأثر بتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية. الاستثمارات الحكومية تلعب دورًا حيويًا في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن الحكومة العراقية تعمل على تطوير خطط لزيادة الإيرادات غير النفطية، مثل الضرائب والرسوم، وتنفيذ إصلاحات هيكلية لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ومع ذلك، لا يزال هناك بعض التحديات التي تواجه العراق في إدارة ديونه، بما في ذلك ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، وتقلبات أسعار النفط، والوضع الأمني السياسي في المنطقة.
من المتوقع أن تستمر الحكومة العراقية في مراقبة مستويات الدين عن كثب، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي. وستركز الجهود على إعداد موازنة 2026 بشكل يراعي هذه التحديات، ويضمن تحقيق التنمية المستدامة. وستكون مراجعة صندوق النقد الدولي للوضع المالي للعراق في الربع الأول من عام 2025 نقطة مراقبة رئيسية لتقييم التقدم المحرز في هذا المجال.
