تتوقع الحكومة الصينية نموًا في قطاعها الصناعي خلال عام 2025، لكن بوتيرة أبطأ من المتوقع سابقًا. يأتي هذا التوقع في ظل سعي بكين لتحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الصناعي ومعالجة التحديات الاقتصادية الأوسع نطاقًا، بما في ذلك ضعف الطلب المحلي وتداعيات أزمة العقارات. يشير هذا التوجه إلى تحول محتمل في أولويات السياسة الاقتصادية الصينية، مع التركيز على الاستقرار والجودة بدلًا من النمو السريع.

النمو الصناعي في الصين: توقعات 2025 وتحديات حالية

أفادت وزارة الصناعة الصينية، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء المركزية، بأنها تتوقع ارتفاع إنتاج الشركات الصناعية الكبرى بنسبة 5.9% في عام 2025 مقارنة بعام 2024. يعتبر هذا النمو المتوقع تحسنًا طفيفًا مقارنة بالنمو الفعلي الذي سجلته الشركات في عام 2024، والذي بلغ 5.8%. ومع ذلك، يمثل تباطؤًا مقارنة بالنمو الذي بلغ 6% في الأشهر الإحدى عشر الأولى من عام 2024.

يعكس هذا التباطؤ في النمو الصناعي، والذي يعد محركًا رئيسيًا للاقتصاد الصيني، مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية. تشمل هذه العوامل ضعف الطلب المحلي، خاصة في قطاع العقارات، بالإضافة إلى التقلبات في التجارة العالمية وتزايد المنافسة الدولية.

تباطؤ النشاط الاقتصادي في نوفمبر

أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء الصيني تباطؤًا ملحوظًا في النشاط الاقتصادي خلال شهر نوفمبر. فقد بلغ نمو الإنتاج الصناعي 4.8% على أساس سنوي، وهو أضعف أداء شهري منذ أغسطس 2024، ومعدل أقل من 4.9% المسجل في أكتوبر.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت مبيعات التجزئة نموًا هامشيًا بلغ 1.3% فقط، وهو أدنى مستوى لها منذ ديسمبر 2022، عندما كانت البلاد لا تزال تتعافى من قيود جائحة كوفيد-19. هذا يشير إلى ضعف الإنفاق الاستهلاكي، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

تأثير قطاع العقارات

يستمر قطاع العقارات في إلقاء بظلاله على الاقتصاد الصيني. فقد انخفضت أسعار المنازل الجديدة في نوفمبر، واستمر الاستثمار في الأصول الثابتة في الانكماش، حيث سجل انخفاضًا بنسبة 2.6% خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر. ويعود هذا الانخفاض بشكل كبير إلى انكماش حاد بلغ 15.9% في الاستثمارات العقارية.

يعتبر قطاع العقارات من أهم القطاعات في الاقتصاد الصيني، حيث يمثل حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي. لذلك، فإن أي تباطؤ في هذا القطاع له تأثير كبير على النمو الاقتصادي العام.

تراجع مبيعات السيارات

أضاف تراجع مبيعات السيارات في نوفمبر المزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني. فقد انخفضت المبيعات بنسبة 8.5% على أساس سنوي، وهو أكبر انخفاض خلال عشرة أشهر. أدى هذا الانخفاض إلى تقويض الآمال في تحقيق انتعاش موسمي في نهاية العام.

يعتبر قطاع السيارات من القطاعات الرئيسية في التصنيع الصيني، وبالتالي فإن أي تراجع في مبيعاته يعكس ضعفًا في الطلب على السلع المعمرة.

يدعو العديد من المحللين إلى اتخاذ إجراءات حكومية إضافية لتحفيز الطلب المحلي وتسريع حل أزمة العقارات. كما يشددون على أهمية تقليل الاعتماد على الصادرات، في ظل بيئة تجارية عالمية تشهد تزايدًا في حالة عدم اليقين. الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، وتعزيز الاستهلاك الداخلي، هما مفتاحان لتحقيق نمو اقتصادي أكثر توازنًا واستدامة في الصين.

من المتوقع أن تواصل الحكومة الصينية مراقبة الوضع الاقتصادي عن كثب، وأن تقوم بتعديل سياساتها حسب الحاجة. ستكون البيانات الاقتصادية الصادرة في الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد مسار الاقتصاد الصيني في عام 2025. من بين المؤشرات الرئيسية التي يجب مراقبتها هي نمو الإنتاج الصناعي، ومبيعات التجزئة، والاستثمار في الأصول الثابتة، وأداء قطاع العقارات.

شاركها.