أعلنت الصين عن استمرارها في تنظيم إنتاج الصلب الخام، مع منع إضافة أي قدرات إنتاجية جديدة غير مصرح بها خلال الفترة من 2026 إلى 2030. يهدف هذا الإجراء إلى معالجة الاختلالات في السوق وضبط المعروض من الصلب، خاصةً في ظل تباطؤ الطلب المحلي. وتأتي هذه الخطوة بعد أن كانت الصين قد أوقفت نمو إنتاجها من الصلب الخام في عام 2021 كجزء من جهودها للحد من انبعاثات الكربون.
القرار، الذي اتخذته اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، يؤثر بشكل مباشر على أكبر منتج ومستهلك للصلب في العالم. ويعكس قلقًا متزايدًا بشأن الفائض في الطاقة الإنتاجية وتداعياته على الاستقرار الاقتصادي. ويأتي في وقت يشهد فيه قطاع العقارات الصيني تراجعًا ملحوظًا، مما أدى إلى انخفاض حاد في استهلاك الصلب.
تحديات السوق تدفع إلى تشديد القيود على إنتاج الصلب
أشارت البيانات الصادرة مؤخرًا إلى انخفاض إنتاج الصلب الخام في الصين بنسبة 4% خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وهذا الانخفاض يضع الإنتاج السنوي على مسار نحو أقل من مليار طن، وهو أدنى مستوى له منذ ست سنوات. وتعزو الحكومة هذا التراجع إلى الحاجة إلى إعادة هيكلة القطاع وتحسين كفاءته.
وفقًا للجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، يواجه قطاع المواد الخام، بما في ذلك الصلب، عدم توازن بين العرض والطلب. وأكدت اللجنة على ضرورة تعميق الإصلاحات الهيكلية خلال خطة السنوات الخمس الخامسة عشرة (2026-2030)، مع التركيز على مبدأ “البقاء للأصلح” لضمان استدامة الشركات الأكثر كفاءة وقدرة على المنافسة.
تأثيرات على الصادرات
على الرغم من تراجع الطلب المحلي، حافظت الصين على قوة صادراتها من الصلب منذ عام 2023. وقد ساهمت هذه الصادرات في تعويض جزء من الانخفاض في الاستهلاك الداخلي. ومع ذلك، أثارت هذه الصادرات ردود فعل حمائية في العديد من الأسواق العالمية، حيث تتهم بعض الدول الصين ببيع الصلب بأسعار منخفضة بشكل غير عادل.
تتهم بعض الدول المنتجات الصينية الرخيصة بإلحاق الضرر بمصنعي الصلب المحليين لديها، مما دفعها إلى فرض حواجز تجارية متزايدة. وتشمل هذه الحواجز الرسوم الجمركية والإجراءات المضادة للإغراق.
نظام ترخيص جديد لصادرات الصلب
في محاولة لمعالجة هذه المخاوف وإدارة التدفقات التجارية، أعلنت بكين في 12 ديسمبر 2024 عن خطة لإطلاق نظام ترخيص جديد لصادرات ما يقرب من 300 سلعة مرتبطة بالصلب ابتداءً من عام 2026. يهدف هذا النظام إلى التحكم في الكميات المصدرة وضمان الامتثال للمعايير الدولية.
يتضمن نظام الترخيص تقييمًا دقيقًا للشركات المصدرة وقدراتها الإنتاجية، بالإضافة إلى مراقبة صارمة لأسعار الصادرات. وتأمل الحكومة الصينية أن يساعد هذا النظام في تحقيق توازن أكبر في السوق العالمية للصلب وتجنب المزيد من النزاعات التجارية.
بالإضافة إلى ذلك، يراقب خبراء الصناعة عن كثب تأثير هذه الإجراءات على أسعار الصلب العالمية، وعلى سلاسل التوريد، وعلى القدرة التنافسية للشركات الصينية في الأسواق الخارجية. وتشير التقديرات إلى أن هذه القيود قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الصلب في بعض المناطق، خاصةً تلك التي تعتمد بشكل كبير على الواردات الصينية.
تعتبر هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية أوسع تتبناها الصين لإعادة هيكلة قطاع الصلب وتقليل الاعتماد على النمو القائم على الاستثمار. وتركز الحكومة بشكل متزايد على تعزيز الابتكار وتحسين الكفاءة وتقليل التلوث في هذا القطاع الحيوي. كما تسعى إلى تحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب، وضمان استدامة النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
من المتوقع أن تستمر الصين في تنفيذ هذه الإجراءات خلال الفترة القادمة، مع التركيز على تعزيز الرقابة على الإنتاج والتصدير. وستراقب الحكومة عن كثب تطورات السوق العالمية، وتعدل سياساتها حسب الحاجة. ويجب على الشركات العاملة في قطاع الصلب، سواء في الصين أو في الخارج، الاستعداد لهذه التغييرات والتكيف معها لضمان استمرار نجاحها.
في الختام، يمثل تنظيم إنتاج الصلب الصيني وتطبيق نظام الترخيص الجديد تطورات مهمة في السوق العالمية. وستكون الآثار الكاملة لهذه الإجراءات واضحة على المدى المتوسط والطويل، ويتوقف ذلك على كيفية استجابة الشركات والحكومات الأخرى لهذه التغييرات.
