سجل الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر نمواً بنسبة 2.9% في الربع الثالث من عام 2025، مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق 2024. يعزى هذا النمو بشكل أساسي إلى الأداء القوي للقطاع غير الهيدروكربوني، الذي شهد توسعاً ملحوظاً، مما يعكس جهود التنويع الاقتصادي المستمرة في البلاد. وتشير البيانات الصادرة عن مركز الإحصاء الوطني إلى أن هذا التطور يساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي لدولة قطر.
بلغ إجمالي تقديرات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من عام 2025 حوالي 186.1 مليار ريال بالأسعار الثابتة، مقابل 180.9 مليار ريال في الربع الثالث من عام 2024. هذا الارتفاع يعكس تحسناً في النشاط الاقتصادي العام، مدعوماً بالاستثمارات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى زيادة الطلب المحلي والإقليمي.
مساهمة الأنشطة غير الهيدروكربونية في الناتج المحلي الإجمالي
شكلت الأنشطة غير الهيدروكربونية نسبة 65.5% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث بلغت القيمة المضافة لهذه الأنشطة 121.9 مليار ريال في الربع الثالث من عام 2025. هذا يمثل زيادة سنوية قدرها 4.4%، وهو ما يتماشى مع أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة ورؤية قطر الوطنية 2030 التي تركز على بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
القطاعات الرائدة في النمو
أظهرت بيانات مركز الإحصاء الوطني أن قطاعي التشييد وتجارة الجملة والتجزئة كانا الأسرع نمواً في القطاع غير الهيدروكربوني، حيث سجل كل منهما نمواً بنسبة 9.1% و8.9% على التوالي. كما شهد قطاع خدمات الإقامة والطعام نمواً قوياً بنسبة 6.4%، مما يعكس ازدهار قطاع السياحة والضيافة في دولة قطر.
يعكس هذا التوسع ارتفاعاً في الطلب المحلي، وزيادة في نشاط الزوار، واستمراراً في تنفيذ مشاريع البنية التحتية والمشاريع العامة المختلفة. هذه المشاريع لا تساهم فقط في النمو الاقتصادي الحالي، بل تخلق أيضاً فرص عمل جديدة وتعزز من القدرات التنافسية لدولة قطر على المدى الطويل.
أكد عبد العزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة، الأمين العام للمجلس الوطني للتخطيط، أن هذه النتائج تعكس متانة الاقتصاد القطري واستمرارية مسار التنويع الاقتصادي. وأضاف أن النمو الحقيقي الذي تشهده البلاد مدفوع بالأداء القوي للأنشطة غير الهيدروكربونية، مما يؤكد نجاح السياسات الاقتصادية والتنموية المتبعة.
يؤكد هذا الأداء على نجاح السياسات الاقتصادية والتنموية في تعزيز مساهمة القطاعات الإنتاجية والخدمية، بما ينسجم مع مستهدفات استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة. كما يعزز من قدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق نمو مستدام ومتوازن على المدى المتوسط والطويل، ويقلل من الاعتماد على قطاع النفط والغاز.
اتساع قاعدة النمو الاقتصادي
بشكل عام، سجل 15 من أصل 17 نشاطاً اقتصادياً نمواً حقيقياً إيجابياً خلال الربع الثالث من عام 2025. هذا يشير إلى أن النمو الاقتصادي في دولة قطر أصبح أكثر اتساعاً وتنوعاً، مما يجعله أقل عرضة للصدمات الخارجية. الناتج المحلي الإجمالي يعكس بذلك قوة ومتانة الاقتصاد القطري.
يواصل مركز الإحصاء الوطني التابع للمجلس الوطني للتخطيط العمل على تحسين قياس الناتج المحلي الإجمالي، وذلك من خلال تطبيق مراجعات حديثة على التقديرات. تهدف هذه المراجعات إلى ضمان دقة وموثوقية البيانات الاقتصادية، ومواءمتها مع أفضل الممارسات الدولية.
كجزء من الجهود المستمرة لمواءمة الحسابات الوطنية مع نظام الحسابات القومية 2008 و2025، يجري حالياً تنفيذ مراجعة شاملة للحسابات الوطنية لدولة قطر. من المقرر الانتهاء من هذه المراجعة بحلول الربع الأول من عام 2026، ومن المتوقع أن توفر بيانات اقتصادية أكثر تفصيلاً ودقة.
الاستثمار الأجنبي المباشر يلعب دوراً متزايد الأهمية في دعم النمو الاقتصادي في قطر، حيث يجذب القطاعات غير الهيدروكربونية بشكل خاص. التنمية المستدامة هي أيضاً محور رئيسي للسياسات الاقتصادية القطرية، مع التركيز على الاستثمار في الطاقة المتجددة والحد من الانبعاثات الكربونية. القطاع الخاص يشهد أيضاً نمواً ملحوظاً، مدفوعاً بالحوافز الحكومية والفرص الاستثمارية المتاحة.
من المتوقع أن يستمر الاقتصاد القطري في النمو في الأشهر والسنوات القادمة، مدفوعاً بالاستثمارات الحكومية والخاصة، وتنفيذ رؤية قطر الوطنية 2030. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض المخاطر والتحديات التي تواجه الاقتصاد القطري، مثل التقلبات في أسعار النفط والغاز، والتغيرات في الاقتصاد العالمي. سيراقب المحللون عن كثب تطورات هذه العوامل، بالإضافة إلى التقدم المحرز في تنفيذ المراجعة الشاملة للحسابات الوطنية، لتقييم المسار المستقبلي للاقتصاد القطري.
