أظهر مسح للقطاع الخاص صدر اليوم الثلاثاء، انتعاشًا ملحوظًا في أداء الشركات البريطانية، مدفوعًا بتخفيف المخاوف بشأن الزيادات الضريبية المحتملة. وارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب إلى 52.1 نقطة في ديسمبر، مما يشير إلى توسع طفيف في النشاط الاقتصادي بعد أشهر من الركود. يأتي هذا التحسن بعد إعلان وزيرة المالية راشيل ريفز عن ميزانية في نهاية نوفمبر الماضي، والتي تضمنت زيادات ضريبية مؤجلة، مما أثر إيجابًا على ثقة الشركات.
ويعكس هذا الارتفاع في المؤشر، الذي أجرته ستاندرد آند بورز، تجاوز التوقعات الأولية التي أشارت إليها استطلاعات رأي الاقتصاديين التي أجرتها رويترز. ومع ذلك، لا يزال المؤشر أقل من مستوياته التاريخية، مما يشير إلى أن الاقتصاد البريطاني لا يزال يواجه تحديات كبيرة.
تحسن في أداء الشركات بعد تأجيل الزيادات الضريبية
يعتبر هذا المسح أول تقييم شامل للوضع الاقتصادي بعد إعلان الميزانية الأخيرة. وقد أرجأت وزيرة المالية تطبيق معظم الزيادات الضريبية التي كانت مقترحة، مما ساهم في تجنب الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الشركات في العام الماضي بعد إقرار ميزانية أولية أكثر تقييدًا.
صرح كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين في ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس، بأن الشركات قد استعادت بعض الثقة بعد زوال حالة عدم اليقين. ومع ذلك، أشار المسح إلى توقعات بنمو اقتصادي متواضع للغاية يبلغ 0.1٪ فقط في الربع الأخير من العام.
تأثير القطاعات المختلفة
على الرغم من التحسن العام، لا يزال النمو مدفوعًا بشكل أساسي بقطاعي التكنولوجيا والخدمات المالية. في المقابل، تواجه قطاعات أخرى صعوبات في الحفاظ على الزخم، بل وتشهد بعضها انكماشًا.
سجل مؤشر مديري المشتريات في قطاع الخدمات، الذي يمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد البريطاني، أعلى مستوى له منذ شهرين. كما شهد قطاع التصنيع تحسنًا ملحوظًا، حيث سجل أقوى أداء له في 15 شهرًا. هذا يشير إلى أن بعض القطاعات بدأت تستجيب بشكل إيجابي لتخفيف الضغوط الضريبية.
شهد حجم الأعمال الجديدة زيادة بأسرع وتيرة منذ أكتوبر 2024، مما يعكس تحسن الطلب. كما ارتفع مؤشر توقعات الشركات للأشهر الـ12 المقبلة إلى ثاني أعلى مستوى له في أكثر من عام، على الرغم من أنه لا يزال أقل من المتوسط طويل الأجل.
الطلب الخارجي والتوظيف والتضخم
زادت الطلبات الخارجية على المنتجات البريطانية بعد فترة انخفاض استمرت 13 شهرًا. كما شهدت الطلبات المتراكمة زيادة طفيفة، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، مما يشير إلى أن الموردين يواجهون صعوبة في تلبية الطلب المتزايد.
في المقابل، انخفضت مستويات التوظيف مرة أخرى، ويعزى ذلك إلى ارتفاع تكاليف التوظيف التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل نتيجة للزيادات الضريبية التي طبقتها وزيرة المالية. هذا يشير إلى أن الشركات قد تكون حذرة بشأن التوسع في عدد موظفيها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
تفاقمت ضغوط التضخم مع ارتفاع أسعار المدخلات، بما في ذلك تكاليف العمالة، للشهر الثاني على التوالي. كما رفعت الشركات الأسعار التي تفرضها على المنتجات والخدمات، بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى لها في خمس سنوات في نوفمبر، في محاولة لتعزيز أرباحها.
مؤشر مديري المشتريات يعكس هذه التطورات، حيث يشير إلى أن التضخم لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا للاقتصاد البريطاني. النمو الاقتصادي لا يزال هشًا، ويتأثر بعوامل متعددة مثل التضخم وتكاليف التوظيف والطلب العالمي. القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي في بريطانيا، وأدائه يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار التعافي.
من المتوقع أن يقوم بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه يوم الخميس المقبل للمرة الأولى منذ أغسطس، مما قد يزيد من الضغوط التضخمية. ومع ذلك، يعتمد هذا القرار على تقييم البنك للبيانات الاقتصادية الأخيرة، بما في ذلك أداء مؤشر مديري المشتريات ومستويات التضخم والتوظيف.
في الختام، يشير مسح مديري المشتريات إلى تحسن طفيف في أداء الشركات البريطانية، مدفوعًا بتخفيف المخاوف بشأن الزيادات الضريبية. ومع ذلك، لا يزال النمو الاقتصادي هشًا، ويواجه تحديات كبيرة مثل التضخم وارتفاع تكاليف التوظيف. سيكون من المهم مراقبة تطورات أسعار الفائدة وقرارات البنك المركزي في الأشهر المقبلة لتقييم مسار التعافي الاقتصادي في بريطانيا.
