ركّز اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (IDWS 2025) المنعقد في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية على تحويل الأفكار الاستراتيجية إلى مبادرات عملية ملموسة في قطاع إدارة المياه. وشهد المؤتمر إطلاق مبادرات جديدة، وتوقيع اتفاقيات تعاون، ومناقشات معمقة حول دور التكنولوجيا والابتكار في مواجهة التحديات المتزايدة للمياه في المنطقة والعالم. يهدف المؤتمر إلى تسريع وتيرة التحول نحو مستقبل مائي مستدام.
شارك في فعاليات اليوم الثاني نخبة من القادة والخبراء في قطاع المياه من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاعين العام والخاص. تم التأكيد على أهمية التعاون بين القطاعات المختلفة، والاستفادة من البيانات في تحسين كفاءة وشفافية إدارة الموارد المائية. كما سلط الضوء على ضرورة تبني حلول مبتكرة ومستدامة لضمان الأمن المائي للأجيال القادمة.
نموذج نهر التايمز: مرجع عالمي في إدارة المياه الحضرية
استعرض برايان هارفي، نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط في شركة جاكوبس، خلال جلسة خاصة، تجربة نهر التايمز في لندن كمثال ناجح لـإدارة المياه الحضرية المتكاملة. وأشار إلى أن هذا النموذج يمكن أن يكون مرجعاً قيماً للمدن الأخرى التي تواجه تحديات مماثلة في إدارة مواردها المائية. تضمنت العرض رؤى حول التحديات العالمية في أمن المياه والتطورات الحديثة في تقنيات التحلية، بالإضافة إلى الدور المتزايد للمراكز الإقليمية في دعم الابتكار في قطاع المياه.
الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي لتحسين شبكات المياه
ناقشت جلسة متخصصة حول المدن الذكية وتطبيقاتها في قطاع المياه، الإمكانات الهائلة التي توفرها الأنظمة الرقمية والذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة شبكات المياه. وتشمل هذه الأنظمة التحكم الإشرافي وجمع البيانات (SCADA)، وتقنيات الكشف عن التسريبات باستخدام الذكاء الاصطناعي، والتوائم الرقمية التي تسمح بمحاكاة وتحليل أداء الشبكات.
تطبيقات عملية للتحول الرقمي
أشار المشاركون إلى أن استخدام هذه التقنيات يمكن أن يؤدي إلى تقليل الفاقد من المياه، وتحسين كفاءة التشغيل، وتوفير التكاليف. كما يمكن أن يساعد في اتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن إدارة الموارد المائية. بالإضافة إلى ذلك، تم استعراض أمثلة واقعية لتطبيق هذه التقنيات في مدن مختلفة حول العالم، مع التركيز على الفوائد التي تحققت.
ركزت الجلسات التقنية أيضًا على الاستخدام الأمثل لمخرجات المياه، وتبني مبادئ الاقتصاد الدائري للمياه. وتراوحت المناقشات بين إنتاج مواد البناء مثل الأسمنت من الرجيع الملحي، وتطبيق أساليب تحليل البيانات المتقدمة لتحسين أداء محطات التحلية.
تعزيز التعاون من خلال مذكرات التفاهم
شهد اليوم الثاني من المؤتمر توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين الهيئات الحكومية والشركات الرائدة في قطاع المياه. وقّعت الهيئة السعودية للمياه مذكرة تعاون مع المركز السعودي للاعتماد، بهدف تعزيز تنظيم قطاع خدمات المياه ورفع مستوى جودة الأداء. كما تم توقيع اتفاقيات مع شركات متخصصة في تحسين إدارة الرجيع الملحي، ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات التحلية.
صرح محمد آل الشيخ، وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه، بأن هذه المبادرات تعكس التقدم الكبير الذي حققته المملكة في تطبيق حلول مبتكرة لمواجهة تحديات المياه. وأضاف أن المؤتمر يجسد التزام المملكة بتعزيز الشراكات العابرة للقطاعات، وتبني مبادئ الاستدامة، وتحقيق الأمن المائي.
بالإضافة إلى ذلك، تم التأكيد على أهمية الاستثمار في البحث والتطوير في مجال تقنيات المياه، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال في هذا القطاع الحيوي. كما تم استعراض بعض التجارب الناجحة في مجال تحلية المياه، واستخدام المياه غير التقليدية، وإعادة استخدام المياه المعالجة.
من المتوقع أن تستمر فعاليات المؤتمر في الأيام القادمة في استعراض أحدث التقنيات والحلول في مجال إدارة الموارد المائية، ومناقشة التحديات والفرص المتاحة لتحقيق الأمن المائي المستدام. وستركز الجلسات القادمة على دور القطاع الخاص في تطوير مشاريع المياه، وأهمية بناء القدرات البشرية في هذا القطاع، وسبل تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال إدارة المياه. يُعد إعلان الهيئة السعودية للمياه عن خططها المستقبلية لتطوير البنية التحتية للمياه وتنويع مصادر المياه من الأمور التي يجب متابعتها عن كثب.
