أظهر تقرير صادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات “ضمان” أن دولة الإمارات العربية المتحدة حافظت على صدارتها للاستثمار في قطاع الأغذية والمشروبات في المنطقة العربية، مسجلةً حصة كبيرة من المشاريع والتكاليف الاستثمارية. ويأتي هذا في ظل نمو ملحوظ للاستثمار الأجنبي في هذا القطاع الحيوي، مدفوعاً بالطلب المتزايد والتطورات الاقتصادية في المنطقة.
الاستثمار الأجنبي في قطاع الأغذية والمشروبات العربية
كشف التقرير عن أن المنطقة العربية استقطبت ما يقارب 516 مشروعاً أجنبياً في قطاع الأغذية والمشروبات بين عامي 2003 و 2024، بقيمة استثمارية إجمالية بلغت حوالي 22 مليار دولار أمريكي. وقد ساهمت هذه المشاريع في توفير ما يقارب 93 ألف فرصة عمل، مما يعكس أهمية القطاع في دعم اقتصادات المنطقة وتوفير فرص العمل.
ووفقاً للتقرير، استحوذت خمس دول عربية – مصر والسعودية والإمارات والمغرب وقطر – على 82% من إجمالي المشاريع الأجنبية في القطاع، و79% من التكلفة الاستثمارية، بالإضافة إلى 76% من إجمالي الوظائف التي تم توفيرها. هذا التركز يعكس جاذبية هذه الدول للمستثمرين الأجانب، بفضل استقرارها السياسي واقتصاداتها المتنامية.
الدول الرائدة في جذب الاستثمارات
تصدّرت الإمارات قائمة الدول العربية الأكثر جاذبية للاستثمار في قطاع الأغذية والمشروبات، حيث بلغت حصتها 45% من إجمالي عدد المشاريع البينية العربية و58% من إجمالي التكلفة الاستثمارية. يعزى ذلك إلى البنية التحتية المتطورة التي تتمتع بها الإمارات، وسياساتها الداعمة للاستثمار، وموقعها الاستراتيجي.
بينما احتلت مصر والسعودية مراكز متقدمة أيضاً، مما يشير إلى وجود طلب كبير على المنتجات الغذائية والمشروبات في هذه الأسواق الكبيرة.
الولايات المتحدة أكبر مستثمر أجنبي
على صعيد الاستثمار حسب الدولة، أظهر التقرير أن الولايات المتحدة كانت أكبر دولة مستثمرة في قطاع الأغذية والمشروبات في المنطقة العربية خلال الفترة المذكورة، حيث قامت بـ 74 مشروعاً بقيمة تقارب 4 مليارات دولار. ساهمت هذه المشاريع في توفير أكثر من 14 ألف وظيفة.
وتشير البيانات إلى أن الشركات الأجنبية العشر الأولى استحوذت على 15% من عدد المشاريع و32% من التكلفة الاستثمارية و29% من الوظائف الجديدة. تصدّرت شركة “نستله” السويسرية القائمة من حيث عدد المشاريع (14 مشروعاً)، بينما كانت شركة “نيبولون” الأوكرانية أكبر مستثمر من حيث التكلفة (ملياري دولار) وتوفير الوظائف (6 آلاف وظيفة).
الاستثمار العربي البيني
أظهر التقرير أيضاً نمواً في الاستثمار العربي البيني في قطاع الأغذية والمشروبات، حيث استثمرت 12 دولة عربية في 108 مشاريع بينية بقيمة إجمالية تجاوزت 6.5 مليار دولار. هذا يشير إلى تزايد التعاون الاقتصادي بين الدول العربية.
تقييم المخاطر والحوافز
فيما يتعلق بمخاطر الاستثمار والأعمال، صنّفت وكالة “فيتش” الإمارات والسعودية ومصر وقطر كأكثر الدول العربية جاذبية للاستثمار في قطاع الأغذية والمشروبات خلال عام 2024. تلتها سلطنة عمان والبحرين والجزائر والمغرب والكويت.
وتشير هذه التصنيفات إلى أن هذه الدول تقدم بيئة استثمارية مستقرة وحوافز جذابة للمستثمرين.
توقعات النمو في المبيعات والإنفاق الاستهلاكي
يتوقع التقرير ارتفاع مبيعات الأغذية والمشروبات غير الكحولية في المنطقة العربية إلى أكثر من 430 مليار دولار بنهاية عام 2025، بزيادة قدرها 8.6%. ويمثل هذا 4.2% من إجمالي المبيعات العالمية. كما يتوقع أن تتجاوز المبيعات 560 مليار دولار بحلول عام 2029.
ويعزى هذا النمو إلى ارتفاع الدخل المتاح وزيادة عدد السكان والتغيرات في أنماط الاستهلاك. وتشير التوقعات إلى أن إنفاق الفرد على الأغذية والمشروبات غير الكحولية سيرتفع أيضاً، ليصل إلى أكثر من 1845 دولاراً بنهاية عام 2025، متقاربًا من المتوسط العالمي.
وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية، ارتفعت تجارة الدول العربية في الأغذية والمشروبات غير الكحولية بأكثر من 15% في عام 2024، لتصل إلى حوالي 195 مليار دولار. واستحوذت الإمارات والسعودية ومصر والعراق والمغرب على 70% من هذه التجارة.
من المتوقع أن تشهد المنطقة العربية استمراراً في نمو الاستثمار في قطاع الأغذية والمشروبات خلال السنوات القادمة، مدفوعاً بالفرص المتاحة والتطورات الاقتصادية. ومع ذلك، يجب مراقبة التحديات المحتملة، مثل التغيرات المناخية والتقلبات في أسعار السلع الأساسية، والتي قد تؤثر على القطاع. ستكون البيانات الاقتصادية الربع سنوية ومستجدات السياسات الحكومية مؤشرات رئيسية لمتابعة هذا التوجه.
