هذا الأسبوع، واجهت شركة إيرباص تحديات كبيرة، مع تذكير صارخ بأن حتى طائرات A320 الأكثر موثوقية ليست محصنة ضد المشاكل. بعد استدعاء آلاف الطائرات بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهداف التسليم بسبب عيوب في ألواح هيكل الطائرة. تُظهر هذه الأحداث مدى تعقيد صناعة الطيران، خاصةً مع سعي إيرباص للحفاظ على تفوقها على منافستها بوينغ.
أعلنت إيرباص يوم الجمعة الماضي عن تعليمات لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من برنامج التحكم في الطيران، وذلك بعد حادثة طائرة A320 التابعة لخطوط جيت بلو الأمريكية والتي انزلقت إلى الأسفل أثناء الطيران، مما أدى إلى إصابة الركاب. وتُشير التحقيقات الأولية إلى أن التحديث البرمجي الأخير قد يكون قد أثر على قدرة الطائرة على التعامل مع التداخل الشمسي.
تحديات تواجه تسليم طائرات A320
تُذكر هذه المشكلة بالأسطورة اليونانية لإيكاروس، الذي سقط من السماء بعد أن أذابت الشمس الشمع الذي صنع منه جناحيه. في حالة إيرباص، يثير هذا الأمر تساؤلات حول المخاطر المحتملة المرتبطة بالاعتماد المتزايد على الأنظمة الرقمية في الطائرات الحديثة. على الرغم من أن إيرباص عالجت الخلل البرمجي بسرعة نسبية، إلا أن اكتشاف عيوب في ألواح هيكل الطائرة يمثل انتكاسة جديدة قد تؤثر على أهداف التسليم في نهاية العام.
أدى الإعلان عن هذه العيوب إلى انخفاض ملحوظ في أسهم إيرباص، حيث أعرب المستثمرون عن قلقهم بشأن قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها. وقد خفضت إيرباص بالفعل هدفها لتسليم الطائرات بنسبة 4%، وأكدت أن عمليات التسليم قد تباطأت بالفعل في شهر نوفمبر.
تأثير الإشعاع الكوني
خلص تحقيق في حادثة جيت بلو إلى أن التحديث البرمجي الذي يهدف إلى تحسين سلامة الطيران قد أزال عن غير قصد طبقة حماية إضافية ضد التداخل الشمسي. ومع ذلك، أكد المحققون أن النتائج كانت “افتراضية” بسبب عدم وجود دليل مادي على تأثير الإشعاع الكوني. يقول خبراء إن هذه الحادثة تسلط الضوء على أهمية مراعاة تأثير الإشعاع الكوني على الأنظمة الإلكترونية للطائرات، خاصةً مع تزايد تعقيد هذه الأنظمة.
وأشار جورج دانوس، خبير الإشعاع الكوني، إلى أن هذه القضية تتطلب تعاونًا دوليًا لفهم أفضل لهذه الظاهرة وتطوير تدابير وقائية فعالة. تعتبر هذه المشكلة ذات أهمية متزايدة مع الاعتماد المتزايد للطائرات الحديثة على الرقائق الإلكترونية.
التركيز على طراز A321
يرى المحلل ساش توسا أن إيرباص تعتمد بشكل كبير على إنتاج طراز A321، وأن هذا التركيز الشديد له مزايا وعيوب. فمن ناحية، يسمح هذا التركيز بتحقيق وفورات في التكاليف وزيادة الكفاءة. ومن ناحية أخرى، يجعل الشركة أكثر عرضة للمشاكل التي قد تؤثر على هذا الطراز تحديدًا. ويضيف توسا أن هناك تناقضًا بين خفض إيرباص لأهداف التسليم والحفاظ على توقعاتها المالية الإيجابية.
بالإضافة إلى مشكلة الألواح، تواجه إيرباص تحديات تتعلق بسلاسل التوريد. وقد اختلفت الشركة مع بعض مورديها بشأن خطط زيادة الإنتاج، وتواجه انتقادات من النقابات العمالية والموردين الذين يشيرون إلى أن مشاكل الجودة تعكس صعوبات تواجه العديد من الموردين. وتنفي إيرباص أن يكون الخلل الصناعي في الألواح يمثل خطرًا على السلامة، وتؤكد أن سلاسل التوريد تتحسن بشكل عام.
تُسلط هذه المشكلة الضوء على المخاوف بشأن قطاع هياكل الطائرات، الذي يعتمد على تصنيع أجزاء لا يمكن استبدالها بسهولة، مما يحد من فرص تحقيق أرباح إضافية من مبيعات قطع الغيار.
بدأت هذه الأزمة في نهاية الأسبوع الماضي، بعد انتهاء محاكمة الاستئناف المتعلقة بتحطم طائرة إيرباص A330 عام 2009، وهي التهم التي تنفيها إيرباص وإير فرانس بشدة.
من المتوقع أن تواصل إيرباص العمل مع شركات الطيران والموردين لمعالجة هذه المشاكل وضمان سلامة الطائرات. وستراقب السوق عن كثب مدى قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها في المستقبل، وكيف ستؤثر هذه التحديات على مكانتها التنافسية في صناعة الطيران. من المهم متابعة التطورات المتعلقة بالتحقيقات الجارية في الخلل البرمجي وعيوب الألواح، بالإضافة إلى أي تحديثات حول سلاسل التوريد وأهداف التسليم.
