دعا المستشار الألماني و رئيس الوزراء الإسباني قادة الاتحاد الأوروبي إلى دعم اتفاقية التجارة الحرة مع ميركوسور، وسط خلافات حادة حول تأثيرها المحتمل على المزارعين الأوروبيين. يأتي هذا الحث في وقت تشهد فيه أوروبا نقاشات مكثفة حول تعزيز العلاقات التجارية مع دول أمريكا الجنوبية في مواجهة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة. وتهدف الاتفاقية، التي استغرق التفاوض عليها قرابة 25 عامًا، إلى خفض الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي وتجمع ميركوسور الذي يضم الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي.

جدل حول اتفاقية التجارة الحرة مع ميركوسور

تعتبر ألمانيا وإسبانيا ودول شمال أوروبا أن هذه الاتفاقية من شأنها أن تخفف من الآثار السلبية للرسوم الجمركية الأمريكية على الصادرات الأوروبية، بالإضافة إلى تنويع مصادر الحصول على المعادن وتقليل الاعتماد على الصين، حسبما أفادت وكالة رويترز. وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إن هذه الاتفاقية هي خطوة ضرورية لتعزيز الثقل الجيواقتصادي والجيوسياسي لأوروبا.

وأضاف المستشار الألماني فريدريش ميرز، الذي شارك في قمة في بروكسل ركزت على دعم أوكرانيا، أنه من الضروري اتخاذ قرارات الآن للحفاظ على مصداقية الاتحاد الأوروبي في مجال السياسة التجارية الدولية. ويعتبر الجانب الألماني أن الاتفاقية فرصة لفتح أسواق جديدة أمام الشركات الأوروبية.

المعارضة الفرنسية وتأثيرها المحتمل

لكن، يثير توقيع الاتفاقية قلقًا بالغًا في أوساط العديد من الدول الأعضاء، وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا. تخشى هذه الدول من أن تؤدي الاتفاقية إلى فيضانات من السلع الرخيصة، مما يضر بمنتجيها المحليين، خاصة في القطاعات الزراعية الحساسة. فرنسا، بصفتها أكبر منتج للحوم الأبقار في الاتحاد الأوروبي، تعتبر بشكل خاص عرضة للتأثيرات السلبية المحتملة.

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الظروف الحالية لا تسمح بالتوقيع على الاتفاقية، مشيرًا إلى أن الأرقام والتوقعات لا تدعم هذا الإجراء. ويعمل ماكرون، جنبًا إلى جنب مع بولندا وبلجيكا والنمسا وأيرلندا، للضغط من أجل تأجيل التوقيع، مطالبًا بضمانات إضافية لحماية المزارعين الأوروبيين.

في محاولة لتهدئة المخاوف، توصل مشرعون وحكومات في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي بشأن إجراءات وقائية تهدف إلى الحد من واردات المنتجات الزراعية الحساسة مثل لحوم الأبقار والسكر، وفقًا لبيان صادر عن المجلس الأوروبي. ومن المقرر أن تعلن المفوضية الأوروبية عن التزامها بتوحيد معايير الإنتاج لضمان منافسة عادلة.

تأثيرات محتملة على الأسواق الزراعية

ومع ذلك، يصر ماكرون على مبدأ المعاملة بالمثل، مشددًا على أنه لا ينبغي السماح باستيراد المنتجات التي تم إنتاجها باستخدام مواد كيميائية محظورة في الاتحاد الأوروبي. هذا الموقف يعكس القلق المتزايد بشأن معايير السلامة الغذائية والاستدامة البيئية.

في الوقت الذي يجتمع فيه القادة في بروكسل، شهدت المدينة احتجاجات حاشدة من قبل المزارعين الذين يعبرون عن رفضهم للاتفاقية. حيث تجمع نحو 150 جرارًا زراعيًا، واصطفوا أمام مكان انعقاد القمة والبرلمان الأوروبي، ورفعوا شعارات تدعو إلى وقف الاتفاقية وحماية الإنتاج الأوروبي. وقالت لافتة على أحد الجرارات: “لماذا نستورد السكر من الجانب الآخر من العالم بينما ننتج الأفضل هنا؟ أوقفوا ميركوسور”.

وقامت الشرطة بفرض حواجز طرق وإغلاق الأنفاق في محيط المنطقة، مع وضع قوات مكافحة الشغب وخراطيم المياه على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي تصعيد محتمل للاحتجاجات. وقد أبلغت الشرطة عن بعض أعمال الشغب، بما في ذلك إطلاق الألعاب النارية ورشق البطاطس.

الخطوة التالية المتوقعة هي زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للبرازيل لبحث إمكانية التوقيع على الاتفاقية. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستتمكن من حشد الدعم الكافي من 15 دولة أعضاء تمثل 65% من سكان الاتحاد الأوروبي. وستظل المفاوضات والتباحثات مستمرة في الأيام والأسابيع المقبلة، مع التركيز على محاولة إيجاد حلول ترضي جميع الأطراف وتضمن حماية المصالح الأوروبية.

شاركها.